كما أن غلبة الأُمّة على أعدائها وعزّها وبقاءها على الحقّ هو ببركة الذي يقوم به أئمّة أهل البيت عليهم السلام ، سواء الدور البارز على السطح أو الدور الخفي الذي يتّخذ أشكالاً وصوراً مختلفة ، وسواء العلمي أو الاجتماعي أو السياسي أو الأمني أو العسكري أو الاقتصادي أو الأخلاقي المعنوي أو باقي المجالات الأُخرى ..
وسيأتي أنّ بهم عليهم السلام حصل انتشار الإسلام وبأعدائهم حصل توقّف انتشاره ، وبهم عليهم السلام تفتّقت بنية الاعتقادات والمعارف الحقّة وبأعدائهم تولّد الزيغ والضلال ، وبهم عليهم السلام شيّد للدين منهاجه الأخلاقي والقانوني وبأعدائهم دبّت الأهواء والميول وحصلت الفوضى ، وذلك بيّن واضح لمَن أمعن قراءة التاريخ الاجتماعي طوال الأربعة عشر قرناً.
ومن الآيات الدالّة على التولّي والتبرّي قوله تعالى : (ترى كثيراً منهم يتولّون الّذين كفروا لبئسَ ما قدّمت لهم أنفسهم أن سخِطَ اللهُ عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله وبالنبيّ وما أُنزِلَ إليه ما اتّخذوهم أولياءَ ولكنّ كثيراً منهم فاسقون * لتَجِدَنَّ أشدَّ الناس عداوةً للّذين آمنوا اليهودَ والّذين أشركوا ولتجِدنّ أقْرَبَهم مودّةً للّذين آمنوا الّذين قالوا إنّا نصارى ذلك بأنّ منهم قسّيسـينَ ورهباناً وأنّهم لا يستكبرون) (١) ..
وهذه الآيات تقابل بين المودّة والعداوة ، والمودّة مقرّرة بين المؤمنين والعداوة مع الأعداء ، والولاء مع أهل الحقّ والقطيعة مع أهل الباطل ، وقد تكون الوظيفة حيثية أو نسبية بقدر ما عند الطرف الآخر من اتّباع للحقّ أو اتّباع للباطل.
____________
(١) سورة المائدة ٥ : ٨٠ ـ ٨٢.