قال ابن أبي الحديد ـ في ذيل الخطبة في شرح النهج ـ : «الذي كرهه عليه السلام منهم أنّهم كانوا يشتمون أهل الشام ، ولم يكن يكره منهم لعنهم إيّاهم» (١)
كما أنّه عليه السلام يبيّن قواعد وضوابط الوحدة الإسلامية ، بقوله عليه السلام : «اللّهمّ احقن دماءنا ودماءهم ، وأصلح ذات بيننا وبينهم ، واهدهم من ضلالتهم ، حتّى يعرف الحقّ ...» ؛ فالقاعدة الأُولى هي : حقن الدماء وسيادة الأمن بين طوائف المسلمين ..
والقاعدة الثانية : إنّ إصلاح ذات البين بين طوائف المسلمين يجب أن يكون على مسير الهداية والحقيقة والابتعاد عن الضلال ، ولغاية معرفة الحقّ ورجوع صاحب الغي عن غيّه ورجوع صاحب العدوان عن اعتدائه وصاحب الدعوة الضالّة عن ترويجه للضلال.
وكلامه عليه السلام طبق هدى الآية : (وإنْ طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإنْ بَغَتْ إحداهما على الأُخرى فقاتلوا التي تَبْغي حتّى تفيءَ إلى أمر الله فإنْ فاءَتْ فأصلحوا بينهما بالعدل وأقْسِطوا إنّ الله يُحبُّ المقسطين) (٢).
فقد دلّت الآية على أنّ إصلاح ذات البين ورفع اختلاف المسلمين ووحدتهم يجب أن يرسو على العدل والقسط والحقّ والهدى ، لا على الظلم وإغماط الحقّ ، وأنّ الإصلاح والوحدة يجب أن تكون على أساس الفيء والرجوع إلى أمر الله تعالى ، لا إلى الأهواء والميول والضلالات.
ثمّ إنّ في الآية الناهية عن سبّ الّذين يدعون من دون الله نكتة
____________
(١) شرح نهج البلاغة ٢١ / ١١.
(٢) سورة الحجرات ٤٩ : ٩.