وثالثاً : قد ثبت مجيء «المولى» بمعنى «المليك» ، وهل «المليك» إلاّ «المتصرّف في الأُمور»؟!
لقد نصَّ على مجيء «المولى» بالمعنى المذكور البخاري في كتاب التفسير ؛ قال : «باب (ولكلٍّ جعلنا موالي ممّا ترك الوالدان والأقربون والّذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبَهم إنّ الله كان على كلِّ شيءٍ شهيداً) (١) : وقال معمر : موالي : أولياء ، ورثة. عاقد أيمانكم : هو مولى اليمين ، وهو الحليف. والمولى أيضاً : ابن العم ، والمولى : المنعم المعتق ، والمولى : المعتق ، والمولى : المليك ، والمولى : مولىً في الدين» (٢) ..
فالمولى يجيء بمعنى «المليك».
قال العيني والقسطلاني في شرحيهما على صحيح البخاري : «المولى : المليك ؛ لأنّه يلي أُمور الناس».
ورابعاً : قد ثبت مجيء «المولى» بمعنى «السـيّد» ، ومن الواضح أنّ «الاِمام» و «الرئيس» و «ولي الأمر» هو : «السـيّد» المطلق.
وخامساً : إنّ صلة «الأوْلى» هي لفظة «التصرّف» أو نحوها من الألفاظ الدالّة على وجوب الاِطاعة والامتثال والانقياد ... ممّا هو مقتضى الولاية العامّة ، ولقد فهم الشيخان أبو بكر وعمر من لفظ حديث الغدير الأولويّة «بالاتّباع والقرب» كما اعترف بذلك ابن حجر المكّي في مقام الجواب عن حديث الغدير ؛ إذ قال :
«سلّمنا إنّه (أوْلى) لكنْ لا نسلّم أنّ المراد أنّه أولى بالاِمامة ، بل
____________
(١) سورة النساء ٤ : ٣٣.
(٢) تفسير ابن كثير ٢ / ٣٠٩ ، الكشّاف ١ / ٣٣٣ ، تهذيب الأسماء واللّغات ٤ / ١٩٦ ، النهاية ـ لابن الأثير : مادّة «ولي» ، المرقاة في شرح المشكاة ٥ / ٥٦٨ ، وغيرها.