الملّة الآخرة إن هذا إلاّ اخْتلاق) (١).
فلمّا فتح الله عزّ وجلّ على نبيّه مكّة قال له : يا محمّد! (إنّا فتحنا لك فتحاً مبيناً ليغفر لك الله ما تقدّم من ذنبك وما تأخّر) عند مشركي أهل مكّة بدعائك إيّاهم إلى توحيد الله في ما تقدّم وما تأخّر ; لأنّ مشركي مكّة أسلم بعضهم وخرج بعضهم عن مكّة ، ومن بقي منهم لا يقدر على إنكار التوحيد عليه إذا دعا الناس إليه ، فصار ذنبه عندهم مغفوراً بظهوره عليهم».
فقال المأمون : لله درّك يا أبا الحسن! فأخبرني عن قول الله عزّ وجلّ : (عفا الله عنك لم أذنت لهم)؟
فقال الرضا (عليه السلام) : «هذا ممّا نزل بـ : (إيّاكِ أعني واسمعي يا جارة) ، خاطب الله بذلك نبيّه (صلى الله عليه وآله وسلم) وأراد به أُمّته ..
وكذلك قوله تعالى : (لئن أشركت ليحبطنّ عملك ولتكوننّ من الخاسرين) ..
وقوله عزّ وجلّ : (لولا أن ثبّتناك لقد كدت تركن إليهم شيئاً قليلا)».
قال المـأمون : صدقـت يا بن رسول الله! فأخبرنـي عن قول الله عزّ وجلّ : (وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتّقِ الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحقّ أن تخشاه)؟
قال الرضا (عليه السلام) : «إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قصد دار زيد بن حارثة بن
____________
(١) سورة ص ٣٨ : ٥ ـ ٧.