شراحيل الكلبي في أمر أراده ، فرأى امرأته تغتسل ، فقال لها : (سبحان الذي خلقك) ، وإنّما أراد بذلك تنزيه الله عن قول من زعم : إنّ الملائكة بنات الله ، فقال الله : (أفأصفاكم ربُّكم بالبنينَ واتّخذ من الملائكة إناثاً إنّكم لتقولونَ قولا عظيماً) (١) ، فقال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ لمّا رآها تغتسل ـ : (سبحان الذي خلقك) أن يتّخذ ولداً يحتاج إلى هذا التطهير والاغتسال.
فلمّا عاد زيد إلى منزله أخبرته امرأته بمجيء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقوله لها : سبحان الذي خلقك ، فلم يعلم زيد ما أراد بذلك ، وظنّ أنّه قال ذلك لِما أعجبه من حسنها ، فجاء إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال : يا رسول الله! إنّ امرأتي في خلقها سوء ، وإنّي أُريد طلاقها.
فقال له النبيّ : أمسك عليك زوجك ، واتّقِ الله.
وقد كان الله عرّفه عدد أزواجه ، وأنّ تلك المرأة منهن ، فأخفى ذلك في نفسه ولم يبده لزيد ، وخشي الناس أن يقولوا : إنّ محمّداً يقول لمولاه : إنّ امرأتك ستكون لي زوجة ، فيعيبوه بذلك ، فأنزل الله عزّ وجلّ : (وإذ تقول للذي أنعم الله عليه) ، يعني بالإسلام ، (وأنعمت عليه) ، يعني بالعتق ، (أمسك عليك زوجك واتّقِ الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحقّ أن تخشاه).
ثمّ إنّ زيد بن حارثة طلّقها ، واعتدّت منه ، فزوّجها الله عزّ وجلّ من نبيّه محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وأنزل بذلك قرآناً ; فقال عزّ وجلّ : (فلمّا قضى زيد منها وطراً زوّجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهنّ وطراً وكان أمر الله مفعولا) (٢).
____________
(١) سورة الإسراء ١٧ : ٤٠.
(٢) سورة الأحزاب ٣٣ : ٣٧.