فقال عمر : بلى ، إنّي لأحبّ ذلك ، فاذهب إلى عائشة ، فاذكر لها ذلك ، وعد إليّ بجوابها.
فمضى الرسول إلى عائشة فأخبرها بما قال عمر ، فأجابته إلى ذلك وقالت له : حبّاً وكرامة.
ودخل عليها بعقب ذلك المغيرة بن شعبة فرآها مهمومة ، فقال لها : مالك يا أُمّ المؤمنين؟!
فأخبرته برسالة عمر ، وقالت : إنّ هذه جارية حدثة ، وأردت لها ألين عيشاً من عمر.
فقال لها : عليَّ أن أكفيك.
وخرج من عندها ، فدخل على عمر ، فقال : بالرفاء والبنين ، فقد بلغني ما أتيته من صلة أبي بكر في أهله ، وخطبتك أُمّ كلثوم.
فقال : قد كان ذاك.
قال : إلاّ أنّك يا أمير المؤمنين رجلٌ شديد الخلق على أهلك ، وهذه صبية حديثة السن ، فلا تزال تنكر عليها الشيء فتضربها ، فتصيح ، فيغمّك ذلك ، وتتألّم له عائشة ، ويذكرون أبا بكر فيبكون عليه ، فتجدّد لهم المصيبة ـ مع قرب عهدها ـ في كلّ يوم.
فقال له : متى كنت عند عائشة ، وأصدقني؟!
فقال : آنفاً.
فقال عمر : أشهد أنّهم كرهوني ، فضمنتَ لهم أن تصرفني عمّا طلبتُ ، وقد أعفيتهم.
فعاد إلى عائشة فأخبرها بالخبر ، وأمسك عمر من معاودة خطبتها (١).
____________
(١) أعلام النساء ـ لكحالة ـ ٤ / ٢٥٠.