رجع عن المحرّمات ، ومَن زهد في الدنيا هانت عليه المصائب.
ألا إنّ لله عباداً ، كمَـن رأى أهل الجـنّة في الجنّة مخلّدين ، وكمَن رأى أهل النار في النار معذّبين ; شرورهم مأمونة ، وقلوبهم محزونة ، وأنفسهم عفيفة ، وحوائجهم خفيفة ، صبروا أيّاماً قليلة فصاروا بعقبى راحة طويلة ..
أمّا الليل ; فصافّون أقدامهم ، تجري دموعهم على خدودهم ، وهم يجأرون إلى ربّهم ، يسعون في فكاك رقابهم.
وأمّا النهار ; فحلماء علماء ، بررة أتقياء ، كأنّهم القداح ، قد براهم الخوف من العبادة ، ينظر إليهم الناظر فيقول : مرضى ـ وما بالقوم من مرض ـ أم خولطوا؟! فقد خالط القوم أمر عظيم من ذكر النار وما فيها» (١).
الخِلاط : بالكسر : أن يخالط الرجل في عقله ، أي : فسد عقله ... رجل خَلط ، بيّن الخلاطة : أحمق. مخالطة العقل ، وقد خولط في عقله ، واختلط : فسد عقله. القاموس (٢).
وعن أبي جعفر (عليه السلام) ، حين دخله (٣) جابر ، أنّه قال : «يا جابر! والله إنّي لمحزون ، وإنّي لمشغول القلب.
قال جابر : قلت : جعلت فداك ، وما شَغَلَك وما حزن قلبك؟.
فقال : يا جابر! إنّه مَن دخل في قلبه صافي خالص دين الله ، شغل قلبه عمّا سواه ..
____________
(١) الكافي ٢ / ١٠٧ ح ١٥ ، بحار الأنوار ٧٣ / ٤٣ ح ١٨.
(٢) القاموس المحيط ٢ / ٣٥٨ ـ ٣٥٩.
(٣) كذا في المخطوطة ; والأنسب : دخل عليه ; إذ الرواية في المصادر : عن جابر ، قال : دخلت على أبي جعفر (عليه السلام) ...