وأمّا الثاني : فلأنّه يلزم أن يكون النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) قد لبّس على أهله وأولاده وأفلاذ كبده ، وعمّى عليهم الخبر ، حتّى وقعت الفتنة العظيمة ، والفساد العظيم وحاشاه من ذلك ، لأنّ هذه صفات الأشقياء لا صفات الأنبياء ; وكيف لا ، وقد قال تعالى في حقّه : (عزيزٌ عليهِ ما عنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بالمُؤْمِنينَ رَؤُفٌ رَحِيْمٌ) (١)؟!
وقد أخرج في جامع الأُصول حديث شهر بن حوشب عن الترمذي وأبي داوُد : أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : «إنّ الرجل ليعمل والمرأة بطاعة الله ستّين سنة ثمّ يحضرهما الموت فيضارّان (٢) في الوصيّة فتجب لهما النار» (٣).
وأقول :
لا ضرر أعظم من أن يخرج أهله عن حقّهم ولا يعرّفهم! على أنّه قد وقع الإجماع أنّه ما كان يخرج إلى الصلاة حتّى يجيء إلى بيت فاطمة ويلزم بعضادتي الباب ويقول : «الصلاة يرحمكم الله ، (إنَّما يُريدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِجْسَ أهْلَ البَيْتِ ويُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) (٤)» (٥).
[إجماع المسلمين على أنّ عليّاً (عليه السلام) وصيّه (صلى الله عليه وآله وسلم) :]
وأيضاً فقد حصل الإجماع [على] أنّ عليّاً وصيّه ، ومَن أراد مصداق
____________
(١) سورة التوبة ٩ : ١٢٨.
(٢) في النسخ : «فيضادّان» ، وما أثبتناه هو الصحيح.
(٣) انظر : جامع الأُصول ١١ / ٦٢٦ ح ٩٢٤٦ ، وصحيح الترمذي ٤ / ٤٣١ ح ٢٦٤ ، عن أبي هريرة.
(٤) سورة الأحزاب ٣٣ : ٣٣.
(٥) انظر : تفسير الحبري : ٣٠٩ ، شواهد التنزيل ٢ / ٤٧ ، تفسير الدرّ المنثور ٦ / ٦٠٦.