وأيضاً فإنّ العلم موقوف على من يتعرّض له ويجتهد في تحصيله ، والنبوّة لا مدخل لها في الميراث ..
أيضاً ولقوله تعالى : (وكلاًّ آتينا حُكماً وعلماً) (١) ، والحُكم هو النبوّة ; بدليل : (وآتيناه الحكم صبيّاً) (٢) ، وبذلك فسّره ابن الجزري وغيره ، وإذا كان قد آتاه الله سبحانه النبوّة والعلم في حياة أبيه داود لم يبقَ إلاّ ما تركه من الميراث دونهما ; لكونه حاكماً عالماً قبل ذلك ..
وأيضاً فإنّ النبوّة تابعة للمصلحة ، فلا مدخل للنسب فيها ، ولا يرد علينا حديث زيد بن أبي أوفى (٣) ; حيث لم يأت من غير طريق المخالف.
وأيضاً فإنّ اختصاص سليمان عليه السلام بالذكر في الميراث لا يدلّ على اختصاصه به ; إذ الآية الكريمة مثبتة للإرث لسليمان ، ولا يلزم من ثبوت الإرث له ثبوت اختصاصه بالإرث ; إذ تقرّر في الأُصول أنّ تخصيص الشيء بالذكر لا يدلّ على نفي ما عداه ، وقد قال تعالى : (واللهُ خلق كلَّ دابّة من ماء فمنهم مَن يمشي على بطنه ومنهم مَن يمشي على رجلين ومنهم مَن يمشي على أربع يخلقُ الله ما يشاءُ إنّ اللهَ على كلِّ شيء
____________
(١) سورة الأنبياء ٢١ : ٧٩.
(٢) سورة مريم ١٩ : ١٢.
(٣) وفي «مج» و «ض» : أبي ندمي ، وفي «ب» : أدمى ; ولم نعثر ـ قدر تتبّعنا ـ على هكذا اسم في المعاجم الرجالية ، والصحيح : زيد بن أبي أوفى ، كما أثبتنا ..
وهو : زيد بن علقمة ، له صحبة. وله ترجمة في الجرح والتعديل ٣ / ٥٥٤ رقم ٢٥١٠ ، التاريخ الكبير ـ للبخاري ـ ٣ / ٣٨٦ رقم ١٢٨٥ ، أُسد الغابة ٢ / ٢٧٧ رقم ١٨٢٢.
وحديثه المقصود هو ما ورد عنه في كيفية مؤاخاة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بين المهاجرين والأنصار في المدينة بعد هجرته إليها ، انظر : المعجم الكبير ـ للطبراني ـ ٥ / ٢٢١ ، كنز العمّال ٩ / ١٦٧ ح ٢٥٥٥٤ وح ٢٥٥٥٥ وج ١٣ / ١٠٥ ح ٣٦٣٤٥.