واعلم أيّها الأخ أنّ عليّاً (عليه السلام) هو المسـدّد الموفّق ، أبلغ البلغاء ، وإمام كلّ بارع من العلماء ، فلو كان ما يقوله المخالف ـ كابن الجزري (١) وغيره ـ حقّاً من أن تركه لها أيّام خلافته لعلمه بحقّية ما قاله أبو بكر لكان شاهداً على نفسـه بالباطل وطاعناً (٢) على فاطمة سيّدة نساء العالمين ، ومكذّباً لقول الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في حقّها ، كقوله : «كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلاّ أربع : خديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمّد ، ومريم بنت عمران ، وآسية بنت مزاحم» (٣) ; وأيّ كمال لمن يدّعي الباطل؟!
____________
فقال أمير المؤمنين عليه السلام : يا خالد! ماالذي أمرك به؟ قال : أمرني بضرب عنقك.
قال : وكنت تفعل؟
قال : إي والله ، لولا أنّه قال لي لا تفعل ، لقتلتك بعد التسليم.
قال : فأخذه عليّ (عليه السلام) فضرب به الأرض ، واجتمع الناس عليه ، فقال عمر : يقتله وربّ الكعبة.
فقال الناس : يا أبا الحسن! الله الله بحقّ صاحب هذا القبر. فخلّى عنه.
قال : فالتفت إلى عمر وأخذ بتلابيبه وقال : يا بن الصهّاك! لولا عهد من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وكتاب من الله سبق ، لعلمتَ أيّنا أضعف ناصراً وأقلّ عدداً؟!
ثمّ دخل منزله.
(١) في «ب» : «الجوزي» ; وهو خطأ.
(٢) وفي «مج» و «ض» : «طاغياً».
(٣) انظر : الفصول المهمّة ـ لابن الصبّاغ المالكي ـ : ١٤٥.
وروى مثله العلاّمة الشيخ أبو العون شمس الدين محمّد أحمد السفاريتي الحنبلي (ت ١١٨٨ هـ) في كتابه : نفثات صدر المكمد ٢ / ٥١١.
وقال الشيخ الشبلنجي (ت ١٣٠٨ هـ) في نور الأبصار ـ طبع القاهرة ـ : ٥١ : روى البخاري ومسلم والترمذي ، عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال : «كمل من الرجال كثير ، ولم يكمل من النساء إلاّ مريم ابنة عمران ، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون ، وخديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمّد».