وهذا كما تراه يدلّ على مطلوبنا ; إذ المراد بالرؤيا (١) : العلم ، كما قال تعالى : (ألَمْ تَرَ كيف فعل ربّك بعاد) (٢) ، وغيره في القرآن كثير.
ولنرجع إلى ما نحن بصدده ..
ثمّ قال صاحب الجامع : أخرجه مسلم ، وأخرج البخاري بعضه (٣) ; وإذا ثبت ذلك بطل قياس المخالف.
وقوله : إنّ أبا بكر وعمر لم يظلما يهوديّاً ..
لأنّ اليهودي وغيره لم يقع بينه وبينهما من التباغض والتخاصم بعض ما ذكرته لك ، كما نطقت به كتب المخالف والمؤالف ، وهذا بيّن جليّ لمَن كان له قلب ، لكنّ الهوى والحميّة الجاهلية ، أعاذنا الله سبحانه من كلّ ما يباعد عن حضرة جلال قدسـه.
____________
وفي تاريخ الطبري ٣ / ٢٠٨ : قال معمر : فقال رجل للزهري : أفلم يبايعه عليّ ستّة أشهر؟
قال : لا ، ولا أحد من بني هاشم ، حتّى بايعه عليّ.
فلمّا رأى عليّ انصراف وجوه الناس عنه ضرع إلى مصالحة أبي بكر ، فأرسل إلى أبي بكر أن : ائتنا ولا يأتينا معك أحد. وكره أن يأتيه عمر ، لِما علم من شدّة عمر ، فقال عمر : لا تأتِهم وحدك. قال أبو بكر : والله لآتينّهم وحدي ، وما عسى أن يصنعوا بي؟!
قال : فانطلق أبو بكر ، فدخل على عليّ ، وقد جمع بني هاشم عنده ، فقام عليّ فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ، ثمّ قال : أمّا بعد ، فإنّه لم يمنعنا من أن نبايعك يا أبا بكر إنكار لفضيلتك ، ولا نفاسة عليك بخير ساقه الله إليك ، ولكنّا كنّا نرى أنّ لنا في هذا الأمر حقّاً ، فاستبددتم به علينا. ثمّ ذكر قرابته من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وحقّهم ، فلم يزل عليّ يقول حتّى بكى أبو بكر ..
فانظر : السيرة النبوية ـ لابن كثير ـ ٤ / ٥٦٨ ، ثمّ انظر : لسان العرب ٣ / ٨١.
(١) في النسخ : «الرّيا».
(٢) سورة الفجر ٨٩ : ٦.
(٣) جامع الأُصول ٤ / ٤٨٤ ، ط مؤسّـسة التاريخ الإسلامي.