وأيضاً الحديث الذي أورده صاحب الجامع عن مسلم ، في ذكر الخلفاء ، من رواية عائشة ، وهو : أنّ فاطمة والعبّاس أتيا أبا بكر يلتمسان ميراثهما ، وهما حينئذ يطلبان أرضه من فدك وسهمه من خيبر ، وفيه : فهجرته. وقد ذكرناه. وفيه أيضاً نصّ صريح بتكذيب توجيه أبي داود ..
فانظر أيّها الأخ بمرآة البصيرة إلى توجيه أبي داود ، الذي أخرج عنه في أعظم كتب القوم ; كيف تشهد على شدّة غفلة هذا الإمام ، مؤلّف أحد الصحاح الستّة؟!
واعلم أنّ بمثل هذا العقل عُبِدَ اللعين فرعون ; إذ احتجّ على ربوبيّته بأنّ له ملك مصر ، كما حكاه سبحانه وتعالى (١).
وأعجب من هذا : إنّ هذه الواقعة العظيمة التي وقعت بين فاطمة عليها السلام وبين أبي بكر وعمر لأجل فدك ، وإغضابها ، بل وإغضاب عليّ والعبّاس ، وجميع بني هاشـم أيضاً ، ولم يُلتفت إلى غضب أحد منهم ، ثمّ بعد هذا كلّه يقطعها عثمان مروان بن الحكم ، طريد رسول الله وابن طريده (٢) ، وذلك لمّا زوّجه ابنته : أُمّ أبان.
قال صاحب جامع الأُصول ، في الفرع المذكور :
____________
(١) إشارة إلى الآية ٥١ من سورة الزخرف ٤٣ : (ونادى فرعون في قومه قال يا قوم أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي أفلا تُبصرون).
(٢) العقد الفريد ـ لابن عبد ربّه الأندلسي ـ ٤ / ٢٨٣ ; وفيه : «وممّا نقم الناس على عثمان أنّه آوى طريد رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم : الحكم بن العاص ، ولم يـؤوه أبو بكر ولا عمر ، وأعطاه مائة ألف ، وسيّر أبا ذرّ إلى الربذة ، وسيّر عامر بن عبد قيس من البصرة إلى الشام ، وطلب منه عبيد الله بن خالد بن أُسـيد صلة فأعطاه أربعمائة ألف ، وتصدّق رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم بمهزور ـ موضع سوق المدينة ـ على المسلمين ، فأقطعها الحارث بن الحكم ، أخا مروان ، وأقطع فدك مروان ، وهي صدقة لرسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم».