المعصومين أهل آية التطهير من الرجس ، وهم : أهل البيت (عليهم السلام).
قصور القوم عن معرفة الوحي والكتاب :
والأعجب من الاستدلال بآية الردّ والاستنباط على ما ادّعوه من عدم وحيانية سيرة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ، قولُ الجصّاص المتقدّم : إنّ الاستنباط الظنّي لدى المجتهد والفقيه هو أفضل درجات العلوم ، وإنّ المستنبِط أعلى درجة من الحافظ غير المستنبِط ; فلم يكن الله ليحرم نبيّه (صلى الله عليه وآله وسلم) من ذلك.
ولا عجب إذا تقاصرت معرفة هؤلاء عن معرفة العلوم اللدنّيّة والحضورية ، وعدّهم الوحي الإلهي من سنخ ونمط الإخبار الحسّي السمعي للرواة ; فتكون النبوّة كالرواية للخبر الحسّي ، ممّا يجعل النبيّ كالحافظ لألفاظ القرآن ، أو لمتن لفظي معين ، كالرواة المحدّثين الحفّاظ ، الّذين يحفظون ألفاظ الأحاديث ولا دراية لهم بمعانيها ; فهذا حدّ معرفتهم بحقائق الدين والإسلام ..
وعلى ذلك يكون الأنبياء من قبيل الرواة للأخبار ، ومصداق : «رُبّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه» (١)!!
ولم يدرِ هؤلاء أنّ الاستنباط الظنّي والتفكير الذهني وإجالة الفكر في المسائل إنّما هو طريق العاجز ، الجاهل بحقائق الأشياء ، كما هو الحال في الطبيعة البشرية لغير المعصومين ، ولذلك ترى الفرد البشري لا يفكّر في البديهيات ـ كالأُمور المحسوسة ـ والوجدانيات ; لأنّها أُمور حاضرة لديه ، ليست غائبة عنه ، كي يجيل الفكر في طلبها واستحصالها ..
____________
(١) مسند أحمد ٣ / ٢٢٥ وج ٤ / ٨٠ ، المعجم الكبير ـ للطبراني ـ ١٧ / ٤٩.