وأظهر العزم على النصرة لقتال قريش ، فشكره النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم).
ثمّ طلب المشورة أيضاً ليرى مدى همّة الأنصار ، فقام سعد بن معاذ فقال : كأنّك تريدنا؟! أي : الأنصار ; لأنّهم أكثر المسلمين حينئذ ، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : نعم. فأظهر سعد العزم على النصرة ، فحثّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)حينها الناس على قتال قريش.
فيظهر من هذه المشورة من النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) لمن كان معه أنّها لجملة من الأغراض التربوية التي تقدّم شرحها ، لا لأجل فحصه عن ما هو الصواب! كيف وقد أوحى الله تعالى إليه (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّ الظفر مقدّر له وللمسلمين في الحرب مع قريش؟!
ولا لأجل حاجة منه (صلى الله عليه وآله وسلم) لحلومهم وعقولهم وخبراتهم! كيف وهو قد أُوحي إليه الكتاب المبين ، الذي لا يغادر مثقال ذرّة في السماوات والأرض ، ولا أصغر ولا أكبر من ذلك إلاّ فيه ، وهو المورّث لأهل بيته هذا الكتاب المكنون وفي اللوح المحفوظ؟!
وقد شكّك الطبري أنّه : كيف يؤمر النبيّ باتّباع الشورى مع أنّه (صلى الله عليه وآله وسلم)غنيّ عن المسلمين بالوحي (١)؟!
وذكر فوائد الشورى من : اقتداء الأُمّة به (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وتأليف قلوبهم ; ونقل ذلك عن : قتادة ، وابن إسحاق ، والربيع ، والضحّاك ، والحسن البصري.
وذكر الزمخشري في ذيل الآية أنّه : لئلاّ يثقل على العرب استبداده (صلى الله عليه وآله وسلم) بالرأي دونهم (٢).
____________
(١) جامع البيان ـ الطبري ـ سورة آل عمران ج ٤ / ١٠١.
(٢) الكشّاف ١ / ٢٤٢.