إلاّ وحي يوحى) ، فنفى عنه مطلق الضلال ، وهو يقتضي العصمة في العلم ، كما يقتضي العصمة في مقام العمل من المخالفة السهوية والخطأ ، كما أنّ نفي مطلق الغواية عنه يقتضي العصمة في مقام العمل عن المخالفة العمدية ; فهذان وصفان أوّلان ، ثمّ تلاهما تعالى بوصفين آخرين ، أحدهما : (ما ينطق عن الهوى) ، والآخر : (إن هو إلاّ وحيٌ يوحى) ..
ونفي النطق عن الهوى مطلق في كلّ سلوكياته (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ولا يخصّ مقام التبليغ ، كما ادّعاه جملة من المفسّرين من دون شاهد ، مع كون الطبيعة في سياق النفي يفيد الإطلاق معضّداً ذلك بنفي مطلق الضلال ، ونفي مطلق الغواية ، في مطلق سلوكياته ، وسيرته ، وأفعاله ، وأقواله ، وتقريره (صلى الله عليه وآله وسلم) على صعيد الحكومة والتدبير ، وعلى صعيد تربية الأُمّة على سُنن الهدى والحقّ ، وتزكيتها بطريق الرشد والحكمة.
والوصف الرابع في سورة النجم هو : (إن هو إلاّ وحي يوحى) ، والضمير بحسب السياق مع الأوصاف الثلاثة المتقدّمة يعود إليه (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فيكون مفاد الوصف : أنّه (صلى الله عليه وآله وسلم) بتمامه وتمام شؤونه وحي يوحى ، نظير التعبير : «زيد عدل» ، وإعادة الضمير إلى النطق من قبيل : (اعدلوا هو أقرب للتقوى) (١) لا يخدش في الظهور بعدما عرفت من عموم النطق لكلّ مقال منه (صلى الله عليه وآله وسلم) ، غاية الأمر : أنّ استناده إلى أنواع أقسام من الوحي ، لا خصوص الوحي التشريعي والتكليمي ; كي يقال : إنّ الوصف خاصّ بالتبليغ عن الله تعالى.
ونظير هذا ـ المفاد من إطلاق عصمته في كلّ شؤونه (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ : قوله
____________
(١) سورة المائدة ٥ : ٨.