تعالى : (وإنّك لعلى خُلُق عظيم) (١) ; فإنّها شهادة من العظيم المتعال ، والخُلُق على أقسام ، كما ذكر الحكماء : أخلاق الإنسان في تدبير نفسه وصفاتها ، وأخلاق الإنسان في تدبير أُسرته ، وهي الحكمة المنزلية المعاشية الخاصّة ، وأخلاق الإنسان في تدبير المجتمع البشري والنظام المدني الاجتماعي ، وهي الحكمة السياسية ، والآية في عموم الخُلُق ..
ثمّ وصفه الباري تعالى بأنّ هذا الخُلُق : عظيم ، مع أنّه تعالى وصف متاع كلّ الدنيا : (قل متاع الدنيا قليل) (٢).
وفي صحيح فضيل بن يسار ، قال : سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول لبعض أصحاب قيس الماصر : «إن الله عزّ وجلّ أدّب نبيّه فأحسن أدبه ، فلمّا أكمل له الأدب قال : (وإنّك لعلى خلق عظيم) ..
ثمّ فوّض إليه أمر الدين والأُمّة ، ليسوس عباده ; فقال عزّ وجلّ : (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) (٣) ..
وإنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان مسدّداً موفّقاً مؤيّداً بروح القدس ، لا يزلّ ولا يخطئ في شيء ممّا يسوس به الخلق ، فتأدّب بآداب الله ..
ثمّ إنّ الله عزّ وجلّ فرض الصلاة ركعتين ركعتين ، عشر ركعات ، فأضاف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى الركعتين ركعتين ، وإلى المغرب ركعة ، فصارت عديل الفريضة ، لا يجوز تركهنّ إلاّ في سفر ، وأفرد الركعة في المغرب فتركها قائمة في السفر والحضر ، فأجاز الله عزّ وجلّ له ذلك كلّه ، فصارت الفريضة سبع عشر ركعة ..
____________
(١) سورة القلم ٦٨ : ٤.
(٢) سورة النساء ٤ : ٧٧.
(٣) سورة الحشر ٥٩ : ٧.