وقدرة على معالجة وابراز خصائص الفكر الامامى في مسائل العقيدة وذاتيته المتميزة عن الفكر الاعتزالي .. وهذا ينفي ما ظل بحسبان طائفة من الباحثين (١) من تبعية الامامية للمعتزلة في تلك المسائل وارتباطها بها في هذا المجال .. مستندين في ذلك إلى ما لاحظوه من التقاء الامامية مع المعتزلة في كثير من هذه المسائل ، ومنها ـ على ما يظهر ـ مسألة الحسن والقبح الذاتيين ، ومسألة العدل الالهي ، ومسألة الرؤيا وعموم الادراك ، ومسألة حرية الإرادة في خطوطها العامة وليس في جانبها التفويضي ، ثم مسألة بقاء الاعراض ، ومسألة أن النظر عقلي لا سمعي ... ونظائرها من المسائل والافكار المتناثرة في كتب العقائد ، والتي تتطابق فيها وجهات نظر الفريقين قبال رأي الأشعرية.
والواقع ان الامامية وان تطابقت أو تقاربت آراؤهم مع المعتزلة في هذه المسائل ونحوها ، فلا أجد انهم بذلك يشكلون منزعا واحدا في معالجاتهم لها ، كما لا صحة لدعوى تلك التبعية.
فقد عرف الامامية منذ البداية بمنازعهم الفكرية والعقائدية المستقلة قبل نشوء الاعتزال نفسه وظهوره كمذهب واتجاه متميز.
بل لنا ـ على العكس ـ ان نذهب إلى القول بتأثر الفكر الاعتزالي بالفكر الامامي في جملة المسائل المذكورة ونحوها لأسبقيتهم ـ أي
__________________
(١) انظر ابن تيمية في منهاج السنة ١ / ٣١ ، والمظفر في دلائل الصدق ١ / ١٥٨ ط ٣.