جدا هي التي تنفس فيها علماء الشيعة شبه حرية ، وهي فترة الامام الباقر. والإمام الصادق من أهل البيت.
أما بعد هذا التاريخ فقد كانت السلطات شديدة على رجال الشيعة ، وعلى سبيل المثال نجد ان أبا يحيى الجرجاني ـ وهو من متكلمي الشيعة ، وله تصانيف في الرد على الحشوية ، وله كتبا في الاحتجاج كثيرة ـ هجم عليه محمد بن طاهر ، فأمر بقطع لسانه ويديه ورجليه ، ويضربه ألف سوط ، ويصلبه (١).
وبأثر هذا الضغط صدرت أوامر من أهل البيت لشيعتهم ، بالأقلاع والسكوت عن المحاججات الكلامية. فقد كتب الإمام الكاظم (ع) الى هشام بن الحكم ينهاه عن الكلام ، قال هشام : فأمسكت عن الكلام (٢).
ولم يتحسن حال الشيعة حتى حكم البويهيون ، فأطلق العنان لعلماء الشيعة في التحرك العلمي ، وبهذا مارسوا نشاطاتهم بحرية ، ولوحظ في تصانيفهم وكتبهم المنهج العقلي في البحث.
ومن ناحية ثانية كان المعتزلة قد طردوا من دوائر أهل السنة ، بعد ان انقلبت الدائرة عليهم ، وكان ذلك في بداية عهد الواثق بالله ، وبذلك أصبح الشيعة وحدهم ، رواد البحث العقلي. وهذا هو الذي ساعد على اقتناع جملة من المؤرخين بانتقال منهج المعتزلة إلى التشيع.
__________________
(١) رجال الكشي / ٤٤٧.
(٢) رجال الكشي / ٢٣٠.