أنهم سلكوا طريقة البحث العقلي ، ونعرف ذلك أيضا حين ندرك ان طريقة المحدثين في البحث تضيق عن تناول المسائل العقائدية بشكل مفصل ومسهب ، ومن هنا لم يكن للمحدثين دور يذكر في التضيف في هذه المسائل. بينما نظرة واحدة في عناوين تلك الكتب والرسائل لأصحاب الأئمة تكفينا للاقتناع بسعة البحث ، وطبيعته العقلية.
على ان الصدوق ينتمي إلى مدرسة (قم) ، وهي مدرسة عرفت بتطرفها ، تجاه العقليين ، حتى كانت تتهم بالغلو من يؤمن بعصمة النبي وأهل البيت ، وقد شمل هذا الاتهام عددا كبيرا من علماء الشيعة آنذاك. ومعنى هذا ان الصدوق لا يمثل إلا اتجاها واحدا سلكته مدرسة قم ، ولا يمكن أبدا تعميم هذا الاتجاه ، ونسبته إلى الشيعة كلهم ، فأن الذين شملهم اتهام الصدوق بالغلو ، كانوا من الشيعة ، وممن مارسوا الأدلة العقلية ، واعتمدوا عليها في القول بعصمة الأئمة والأنبياء.
على ان الشيخ المفيد الذي رد كتاب الصدوق ، ومارس الطريقة العقلية ، يشيد بذكر (بني نوبخت) وكانوا من أبرز متكلمي الشيعة ، وممن انفتح على البحث العقلي ، وحتى مطالب الفلسفة ، كما يظهر من آرائهم التي يستعرضها الشيخ في كتاب (أوائل المقالات).
ومن المفيد ان ننقل نص كلام ابن النديم عند ذكر (الحسن بن موسى النوبختي) ، فقد قال «متكلم فيلسوف ، كان يجتمع إليه جماعة من النقلة لكتب الفلسفة ، مثل أبي عثمان الدمشقي وإسحاق وثابت