والمنهج لكل من الشيعة والمعتزلة ، والاعتراف بالاصالة لهما معا. فلا جهد الشيعة كان ثانويا وتتميما ، ولا جهد المعتزلة كان ذلك.
والوحدة في النتائج ، والآراء الكلامية بين الشيعة والمعتزلة في الغالب ، جاءت بسبب وحدة المنهج الذي مارسه كل منهما. غير ان الانتصار السياسي الذي حازه المعتزلة ، واشغالهم للدوائر والمناصب الرسمية ، وفي المقابل التطويق السياسي المستمر الذي أحاق بالشيعة ، هما السبب في تألق نجم المعتزلة ، وضمور نجم الشيعة في هذا المجال.
حتى على مستوى الفقه كان ذلك واضحا ، فرغم ان أهل البيت باعتراف الجميع كانوا في القمة ، فان مذهبهم الفقهي لم يظفر بالاعتراف به فضلا عن تأييده والانتماء إليه.
اذن فالنفوذ إلى أعماق التاريخ ، وتجاوز السطح الظاهري له ، يؤكد لنا ما انتهينا إليه من رأي في تحديد الصلة بين الشيعة والمعتزلة ، والاعتراف بالاصالة لكل منهما.
وكانت طريقتي في ذلك إثبات الاقتران في البداية التاريخية لخوض المسائل الكلامية ، بين الشيعة والمعتزلة ، فقد كان هناك واصل وعمرو بن عبيد ، وكان هناك في خط الشيعة هشام بن الحكم ، وهشام بن سالم وآخرون.
لقد كان هشام هو الناطق باسم مدرسة أهل البيت ، وكان متكلما ذائع الصيت ، وصاحب شخصية لامعة ، حتى أن عمرو بن عبيد ـ شيخ المعتزلة ـ لم يخطر على باله أحد يقوى على مناقشته وإفحامه