وتحسبا لهذه العواقب ، وتحفظا منها ، كان الأئمة من أهل البيت يرقبون باهتمام المشتغلين بعلم الكلام ، فيجيزون بعضا وينهون آخرين.
فقد روي ان الامام الصادق نهى رجلا عن الكلام وأمر آخر به ، فقال له بعض أصحابه : جعلت فداك نهيت فلانا عن الكلام وأمرت هذا به؟ فقال : هذا أبصر بالحجج وأرفق منه» (١).
وهناك رواية أخرى عن عبد الأعلى مولى آل سام ، قال : قلت لأبي عبد الله (الصادق) (ع) : ان الناس يعيبون عليّ بالكلام ، وأنا أكلم الناس. فقال : أما مثلك مثل من يقع ثم يطير فنعم ، وأما من يقع ثم لا يطير فلا» (٢).
وبهذا نستطيع أن نفسر بعض ما ورد عن أهل البيت في النهي عن الاشتغال بعلم الكلام. كما أن به نستطيع أن نفسر ما يحكيه ابن الراوندي : بأن كثيرا من الشيعة كانوا يكرهون الكلام. فيما نقله عنه الخياط المعتزلي (٣).
* * *
على ان هناك مسألة حظت باهتمام الباحثين عن تاريخ العقيدة ، وهي مسألة الصلة بين التشيع والاعتزال. وفي الاغلب لم يكن الدخول في بحث هذه المسألة موضوعيا مخلصا.
__________________
(١) تصحيح الاعتقاد / الشيخ المفيد / ١٧٢.
(٢) رجال الكشي / ٢٧١.
(٣) الانتصار في الرد على ابن الراوندي / ١٣.