وقد وجد رأيان في تحديد هذه الصلة هما على طرفي النقيض ، رأي يرجع التشيع الى الاعتزال ورأي يرجع الاعتزال الى التشيع. ويستند هؤلاء إلى تتلمذ واصل بن عطاء على أبي هاشم بن محمد بن الحنفية ابن الإمام على ، وتتلمذه أيضا على زيد بن علي بن الحسين. والواقع ان هذه الحجة لا يمكن الاعتراف لها بالصحة ، فانه لم تكن التلمذة وحدها في يوم من الأيام دليلا على التبعية ، وعلى سلب كل الابتكارات والابداعات عن التلميذ ونسبتها إلى الاستاذ. كما انه لم يعرف ما هي مادة البحث بين التلميذ واستاذه ، ومن المظنون قويا أن تكون هي الفقه والحديث ، كما كان هو المتداول. على ان هناك من ينكر تلمذة واصل على زيد ، ويحسبها مجرد زمالة علمية.
أما الذاهبون إلى تبعية الشيعة للمعتزلة ، فالى حد كبير لم تكن دعواهم هذه مبرهنة ، وكأنهم قنعوا بالتاريخ المجيد للمعتزلة ، ومبادراتهم الكلامية ، دليلا على أصالتهم وأسبقيتهم.
وقد حاول الدكتور عرفان عبد الحميد أن يبرهن على هذه الدعوى معتمدا على النقاط التالية :
أولا ـ وضوح الاتجاه العقلي لدى علماء الشيعة في العهد البويهي.
الأمر الذي فسره جملة من المؤرخين على أنه تأثر الشيعة بطريقة المعتزلة. كما ذكر ذلك المقريزي والمقدسي وغيرهما.
ثانيا ـ تشيع عدد من مشايخ المعتزلة ومتكلميهم ، مما يقتضي طبعا تسرب الفكر المعتزلي إلى الشيعة عن طريق هؤلاء.