(وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ وَتَثْبِيتاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصابَها وابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَها ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْها وابِلٌ فَطَلٌّ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (٢٦٥)
(وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ) مفعول من أجله. (وَتَثْبِيتاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ) عطف عليه. (كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ) وقرأ ابن عباس وأبو إسحاق السّبيعي (بربوة) (١) بكسر الراء وقرأ الحسن وعاصم وابن عامر الشامي (بِرَبْوَةٍ) بفتح الراء. قال الأخفش: ويقال : برباوة وبرباوة وكلّه من الرابية وفعله ربا يربو. (فَإِنْ لَمْ يُصِبْها وابِلٌ فَطَلٌ). قال أبو إسحاق (٢) : أي فالذي يصيبها طلّ. قال أبو جعفر : حكى أهل اللغة : وبلت وأوبلت وطلّت وأطلّت.
(أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ لَهُ فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ وَأَصابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفاءُ فَأَصابَها إِعْصارٌ فِيهِ نارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ) (٢٦٦)
(أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ) يقال : «تكون» فعل مستقبل فكيف عطف عليه بالماضي وهو (وَأَصابَهُ الْكِبَرُ) ففيه جوابان : أحدهما أنّ التقدير و «قد أصابه الكبر» ، والجواب الآخر أنه محمول على المعنى لأن المعنى أيودّ أحدكم لو كانت له جنة فعلى هذا وأصابه الكبر. (وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفاءُ) وقال في موضع آخر (ذُرِّيَّةً ضِعافاً) [النساء : ٩] كما تقول : ظريف وظرفاء وظراف.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ) (٢٦٧)
(وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ) وفي قراءة عبد الله ولا تأمموا (٣) وهما لغتان ، وقرأ ابن كثير (وَلا تَيَمَّمُوا) والأصل تتيمّموا فأدغم التاء في التاء ، ومن قرأ (تَيَمَّمُوا) حذف ، وقرأ مسلم بن جندب (٤) (وَلا تَيَمَّمُوا). (وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ) وقرأ قتادة
__________________
ـ اللغة ١ / ٢٩٢ ، ومجمل اللغة ١ / ٢٨٧ ، وبلا نسبة في تهذيب اللغة ٦ / ٥٧ ، ومقاييس اللغة ٤ / ٤١٤ ، ومجمل اللغة ٣ / ٨٨ ، والمخصص ١٢ / ٢٩٠ ، وقبله :
«لمّا رأتني خلق المموّه»
(١) انظر تفسير القرطبي ٢ / ٣١٦ ، ومختصر ابن خالويه (١٦).
(٢) انظر إعراب القرآن ومعانيه للزجاج ٣٠٥ ، والبحر المحيط ٢ / ٣٢٤.
(٣) هذه قراءة أبي صالح صاحب عكرمة ، انظر مختصر ابن خالويه (١٧).
(٤) مسلم بن جندب : أبو عبد الله الهذلي مولاهم ، تابعي مشهور ، عرض على عبد الله بن عياش وعرض عليه نافع (ت ١٣٠ ه). ترجمته في غاية النهاية ٢ / ٢٩٧.