(أُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً) (١٥١)
(أُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ حَقًّا) لأنهم لا ينفعهم إيمانهم بالله جل وعز إذا كفروا برسوله وإذا كفروا برسوله فقد كفروا به جلّ وعزّ لأنه مرسل للرسول ومنزّل عليه الكتاب وكفروا بكل رسول مبشّر بذلك الرسول فلهذا ، صاروا الكافرين حقا والتقدير قلت قولا حقا وما قبله يدلّ عليه. (وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً) و (لِلْكافِرِينَ) يقوم مقام المفعول الثاني.
(وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) (١٥٢)
(وَالَّذِينَ آمَنُوا) ابتداء في موضع رفع ، وإن شئت كان في موضع نصب بإضمار فعل يفسّره ما بعده.
(يَسْئَلُكَ أَهْلُ الْكِتابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتاباً مِنَ السَّماءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسى أَكْبَرَ مِنْ ذلِكَ فَقالُوا أَرِنَا اللهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ فَعَفَوْنا عَنْ ذلِكَ وَآتَيْنا مُوسى سُلْطاناً مُبِيناً) (١٥٣)
(يَسْئَلُكَ أَهْلُ الْكِتابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتاباً) هم اليهود سألوا النبي صلىاللهعليهوسلم أن يصعد إلى السماء وهم يرونه بلا كتاب وينزل ومعه كتاب تعنّتا له صلىاللهعليهوسلم فأعلم الله جل وعز أن آباءهم قد تعنّتوا موسى صلىاللهعليهوسلم بأكبر من هذا. (فَقالُوا أَرِنَا اللهَ جَهْرَةً) جهرة نعت لمصدر محذوف أي رؤية جهرة ، وقول أبي عبيدة (١) : إن التقدير فقالوا جهرة في موضع الحال. (وَأَرِنا) (٢) بإسكان الراء بعيدة في العربية لأنه حذف بعد حذف. (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ) أي بعظيم ما جاءوا به. (ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ) أي البراهين أنه لا معبود إلا الله جلّ وعزّ (فَعَفَوْنا عَنْ ذلِكَ وَآتَيْنا مُوسى سُلْطاناً مُبِيناً) من الآيات التي جاء بها وسمّيت الآية سلطانا لأن من جاء بها قاهر بالحجة وهي قاهرة للقلوب بأن تعلم أنه ليس في قوى البشر أن يأتوا بمثلها.
(وَرَفَعْنا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثاقِهِمْ وَقُلْنا لَهُمُ ادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً وَقُلْنا لَهُمْ لا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ وَأَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً) (١٥٤)
(وَقُلْنا لَهُمُ ادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً) على الحال. (وَقُلْنا لَهُمْ لا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ) (٣) من عدا
__________________
(١) انظر مجاز القرآن ١ / ١٤٢.
(٢) راجع إعراب الآية ١٢٧ ـ البقرة.
(٣) انظر البحر المحيط ٣ / ٤٠٣.