المعنى ؛ لأن المعنى فيها أكواب وأباريق وكأس من معين وفاكهة ولحم طير وحور أي ولهم حور عين وأنشد (١) : [الكامل] :
٤٥١ ـ بادت وغيّر ايهنّ مع البلى |
|
إلّا رواكد جمرهنّ هباء |
ومشجّج أمّا سوعاء قذاله |
|
فبدا وغيّر ساره المعزاء |
فرفع ومشجّج على المعنى ؛ لأن المعنى بها رواكد وبها مشجّج. والقراءة بالرفع اختيار أبي عبيد لأن الحور لا يطاف بهن ، واختار الفرّاء (٢) الخفض واحتج بأن الفاكهة واللحم أيضا لا يطاف بهما وإنما يطاف بالخمر. وهذا الاحتجاج لا ندري كيف هو إذ كان القراء قد أجمعوا على القراءة بالخفض في قوله جلّ وعزّ : (وَفاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ (٢٠) وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ) (٢١) فمن أين له أنه لا يطاف بهذه الأشياء التي ادّعى أنه لا يطاف بها؟ وإنما يسلّم في هذا لحجّة قاطعة أو خبر يجب التسليم له. واختلفوا في قوله جلّ وعزّ : (وَحُورٌ عِينٌ) (٢٢) كما ذكرت والخفض جائز على أن يحمل على المعنى ؛ لأن المعنى ينعمون بهذه الأشياء وينعمون بحور عين ، وهذا جائز في العربية كثير. كما قال : [الكامل]
٤٥٢ ـ علفتها تبنا وماء باردا |
|
حتّى شتت همّالة عيناها(٣) |
فحملت على المعنى ، وقال أخر : [مجزوء الكامل]
٤٥٣ ـ يا ليت زوجك قد غدا |
|
متقلّدا سيفا ورمحا(٤) |
وقال أخر : [الوافر]
٤٥٤ ـ إذا ما الغانيات برزن يوما |
|
وزجّجن الحواجب والعيونا(٥) |
والعيون لا تزجّج فحمله على المعنى. فأما «وحورا عينا» فهو أيضا محمول على المعنى ؛ لأن معنى الأول يعطون هذا ويعطون حورا ، كما قال (٦) : [البسيط]
٤٥٥ ـ جئني بمثل بني بدر لقومهم |
|
أو مثل أسرة منظور بن سيّار |
__________________
(١) مرّ الشاهد رقم (٣٦).
(٢) انظر معاني الفراء ٣ / ١٢٤.
(٣) الشاهد لذي الرمة في ديوانه ٦٦٤ ، والخزانة ١ / ٤٩٩ ، وبلا نسبة في معاني الفراء ١ / ١٤ ، وديوان المفضليات ٢٤٨ ، واللسان (علف).
(٤) مرّ الشاهد رقم (١٢٢).
(٥) الشاهد للراعي النميري في ديوانه ٢٦٩ ، والدرر ٣ / ١٥٨ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٧٧٥ ، ولسان العرب (زجج) ، والمقاصد النحوية ٣ / ٩١ ، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٣ / ٢١٢ ، والإنصاف ٢ / ٦١٠ ، وأوضح المسالك ٢ / ٤٣٢ ، وتذكرة النحاة ص ٦١٧ ، والخصائص ٢ / ٤٣٢ ، والدرر ٦ / ٨٠ ، وشرح الأشموني ١ / ٢٢٦ ، وشرح التصريح ١ / ٣٤٦ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٦٣٥.
(٦) مرّ الشاهد رقم (١٣٥).