(٥٩)
شرح إعراب سورة الحشر
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (١)
أي في انتقامه ممن عصاه. (الْحَكِيمُ) في تدبيره ، و (هُوَ) مبتدأ و (الْعَزِيزُ) خبره و (الْحَكِيمُ) نعت للعزيز ، ويجوز أن يكون خبرا ثانيا.
(هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ دِيارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ ما ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللهِ فَأَتاهُمُ اللهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ) (٢)
(هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا) أي بمحمد صلىاللهعليهوسلم (مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ) من اليهود وهم بنو النضير (مِنْ دِيارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ) صرفت أولا لأنه مضاف ، ولو كان مفردا كان ترك الصرف فيه أولى على أنه نعت ، ومن جعله غير نعت صرفه (ما ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا) «أن» في موضع نصب بظننتم ، وهي تقوم مع صلتها مقام المفعولين عند النحويين إلّا محمد بن يزيد فإن أبا الحسن حكى لنا عنه أن المفعول الثاني محذوف ، وكذا القول في (وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللهِ فَأَتاهُمُ اللهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا) أي لم يظنّوا من قولهم : ما كان هذا في حسباني أي في ظني ، ولا يقال : في حسابي ؛ لأنه لا معنى له هاهنا ، ويجوز أن يكون معنى «لم يحتسبوا» لم يعلموا ، وكذا قيل في قول الناس : حسيبه الله أي العالم بخبره والذي يجازيه الله جلّ وعزّ ، وقيل معنى قولك : حسيبك الله كافيّ إياك الله. من قولهم : أحسبه الشيء ، إذا كفاه ، وقيل : حسيبك أي محاسبك مثل شريب بمعنى مشارب ، وقيل : حسيبك أي مقتدر عليك ، ومنه وكان الله على كل شيء حسيبا.
(وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ) ومن قال : في قلوبهم الرّعب جاء به على الأصل (١)
__________________
(١) انظر تيسير الداني ١٧٠ (قرأ أبو عمرو مشدّدا والباقون مخفّفا).