(فَشارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ) (٥٤)
(عَلَيْهِ) على الشجر على تذكير الجميع ، ويجوز أن يكون على الجمع الأكل.
(فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ) (٥٥)
هذه قراءة أكثر القراء. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر والكسائي (فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ) (١) بفتح الشين ، وزعم أبو عبيد أنها لغة النبيّ صلىاللهعليهوسلم كلام هائل. فقال بعض العلماء : قوله لغة النبيّ صلىاللهعليهوسلم كلام هائل لا ينبغي لأحد أن يقوله إلّا بتيقّن والحديث الذي رواه أصحاب الحديث والناقلون له عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم يقولون فيه : «إنّها أيام أكل وشرب» بضم الشين سواه ، أو من قال منهم. ونظير هذا قوله لغة النبيّ صلىاللهعليهوسلم «الحرب خدعة» (٢) وقد سمع خدعة وخدعة. والقول في هذا على قول الخليل وسيبويه أن شربا بفتح الشين مصدر وشربا بضمها اسم للمصدر يستعمل هاهنا أكثر ، ويستعمل شرب في جمع شارب ، كما قال : [البسيط]
٤٥٩ ـ فقلت للشّرب في درنا وقد ثملوا |
|
شيموا وكيف يشيم الشّارب الثّمل(٣) |
«والهيم» جمع هيماء وأهيم وهو على فعل كسرت الهاء لأنها لو ضمّت انقلبت الياء واوا. وقد أجاز الفرّاء (٤) أن يكون الهيم جمع هائم.
(هذا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ) (٥٦)
(هذا نُزُلُهُمْ) أي الذي ينزلهم الله إيّاه يوم القيامة وهو يوم الدّين الذي يجازي الناس فيه بأعمالهم.
(نَحْنُ خَلَقْناكُمْ فَلَوْ لا تُصَدِّقُونَ) (٥٧)
أي نحن خلقناكم ولم تكونوا شيئا فأوجدناكم بشرا فلولا تصدّقون من فعل ذلك أنه يحييكم ويبعثكم.
(أَفَرَأَيْتُمْ ما تُمْنُونَ) (٥٨)
(أَفَرَأَيْتُمْ) أي أيّها المكذبون بالبعث والمنكرون لقدرة الله جلّ وعزّ على إحيائهم.
__________________
(١) انظر تيسير الداني ١٦٨ ، والبحر المحيط ٨ / ٢٠٩.
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه (١٣٦١) ، وأبو داود في سننه (٢٦٣٦) ، وأحمد في مسنده ١ / ٩٠ ، والبيهقي في السنن الكبرى ٧ / ٤٠ ، والهيثمي في مجمع الزوائد ٥ / ٣٢٠.
(٣) مرّ الشاهد رقم (٣١٤).
(٤) انظر معاني الفراء ٣ / ١٢٨.