(لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْناهُ حُطاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ (٦٥) إِنَّا لَمُغْرَمُونَ) (٦٦)
(لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْناهُ حُطاماً) أي متهشّما لا ينتفع به. (فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ) اختلف العلماء في معناه ، فقال الحسن وقتادة : تفكّهون أي تندّمون على ما سلف منكم من المعاصي التي عوقبتم من أجلها بهذا وقال عكرمة : تفكّهون تلاومون أي على ما فاتكم من طاعة الله جلّ وعزّ ، وقيل : تفكّهون تنعمون فيكون على التقدير على هذا : أرأيتم ما تحرثون فظلتم به تفكّهون. قال أبو جعفر : وأولى الأقوال ما قاله مجاهد. قال : تفكّهون تعجّبون أي يعجب بعضكم بعضا مما نزل به وأصله من تفكّه القوم بالحديث إذا عجب بعضهم بعضا منه ، ويروى أنها قراءة عبد الله (فَظَلْتُمْ) (١) بكسر الظاء. والأصل ظللتم كما قال : [الطويل]
٤٦٠ ـ ظللت بها أبكي وأبكي إلى الغد(٢)
فمن قال : ظلتم حذف اللام المكسورة تخفيفا ومن قال : ظلتم ألقى حركة اللام على الظاء بعد حذفها والأصل تتفكّهون ، والمعنى تقولون (إِنَّا لَمُغْرَمُونَ) قال عكرمة : إنّا لمولع بنا ، وقال قتادة : لمعذبون ، وقيل : قد غرمنا في زرعنا ، وقول قتادة حسن بيّن ؛ لأنه معروف في كلام العرب ، إنه يقال للعذاب والهلاك : غرام. قال الأعشى : [الخفيف]
٤٦١ ـ إن يعاقب يكن غراما وإن يعط |
|
جزيلا فإنّه لا يبالي(٣) |
(بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ) (٦٧)
أي ليس نحن مغرمين لكنا قد حرمنا وحورفنا.
(أَفَرَأَيْتُمُ الْماءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ) (٦٨)
(الَّذِي) في موضع نصب و (تَشْرَبُونَ) صلته والتقدير : تشربونه حذفت الهاء لطول الاسم وحسن ذلك لأنه رأس آية.
(أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ) (٦٩)
(أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ) الأصل : أأنتم خفّفت الهمزة الثانية فجيء بها بين بين. والدليل على أنها متحركة وهي بين بين أن النون بعدها ساكنة والاختيار عند الخليل
__________________
(١) انظر البحر المحيط ٨ / ٢١١.
(٢) الشاهد لطرفة بن العبد في ديوانه ص ٥ ، وشرح القصائد السبع الطوال لابن الأنباري ١٣٢ ، وصدره : «لخولة أطلال برقة ثهمد».
(٣) الشاهد للأعشى في ديوانه ص ٩.