الكبار ، فغضب الباقون وقالوا : علام حبسوا؟ ثم عهدوا إلى نعش فخفّوا به ، يوهمون أنها جنازة قد اجتمعوا لها ، ثم إنهم مرّوا بها على باب السجن فعنده شدّوا على الناس بالسلاح واقتحموا السجن فأخرجوا أصحابهم الذين قبض عليهم المنصور ، وقصدوا نحو المنصور ، وهم نحو من ستمائة ، فتنادى الناس ، وأغلقت المدينة ، وخرج المنصور من قصره ماشيا لم يجد فرسا ، فأتي بدابّة وهو يريدهم ، فجاءه معن بن زائدة فترجّل له وعزم عليه وأخذ بلجام الدابّة ، وقال : إنك تكفى يا أمير المؤمنين. وجاء مالك بن الهيثم فوقف على باب القصر ، ثم قاتلوهم حتى أثخنوهم.
وجاء خازم بن خزيمة فقال : يا أمير المؤمنين أقتلهم؟ قال : نعم. فحمل عليهم حتى ألجأهم إلى الحائط ، فكرّوا على خازم فهزموه ، ثم كرّ عليهم هو والهيثم بن شعبة بجندهما ، وأحاطوا بهم ، ووضعوا فيهم السيف فأبادوهم ، فلا رحمهمالله.
وقد جاءهم يومئذ عثمان بن نهيك فكلّمهم ، فرموه بنشّابة ، فمرض منها ومات ، فاستعمل المنصور مكانه على الحرس أخاه عيسى بن نهيك. وكان هذا كله في المدينة الملقّبة بالهاشمية وهي بقرب الكوفة.
ثم إن المنصور قدم سماطا بعد العصر وبالغ في إكرام معن.
وروى المدائني عن أبي بكر الهذليّ قال : إني لواقف بباب القصر إذ أطلع رجل إلى المنصور فقال : هذا رب العزة الّذي يرزقنا ويطعمنا. قال : فحدّثت المنصور بعد ذلك فقال : يا هذليّ يدخلهم الله النار في طاعتنا ونقتلهم ، أحبّ إلينا من أن يدخلهم الله الجنة في معصيتنا.
وعن الفضل بن الربيع عن أبيه أنه سمع المنصور يقول : أخطأت ثلاث خطآت وقى الله شرّها : قتلت أبا مسلم وأنا في خرق ، ومن حولي يقدّم طاعته