ويؤثرها ولو هتكت الخرق لذهبت ضياعا (١). وخرجت إلى الشام ولو اختلف سيفان بالعراق ذهبت الخلافة ضياعا.
وقيل : كان معن بن زائدة ممن قاتل المسوّدة (٢) مع ابن هبيرة ، فلما قامت دولة المسوّدة اختفى معن إلى أن ظهر يوم الراونديّة ، فأبلى يومئذ وبرّز حتى كان النصر على يديه ، ثم اختفى كما هو ، فتطلّبه المنصور ونودي بأمانه فأتي به فأمر له بمال جليل وولّاه اليمن.
* * *
وفيها أمّر المنصور ابنه المهديّ وجعله وليّ عهد المسلمين وبعثه على خراسان وأن ينزل الريّ ، ففعل ، وبلغ المنصور أن أمير خراسان عبد الجبار الأزديّ يقتل رؤساء الخراسانيين ، فقال لأبي أيوب الخوزي : إن هذا قد أفنى شيعتنا ولم يفعل هذا إلا وهو يريد أن يخلع الطاعة. فقال : أكتب إليه أنك تريد غزو الروم فليوجّه إليك الجند والفرسان ، فإذا خرجوا بعثت إليه من شئت ، فليس به امتناع ، فكتب إليه بذلك فكان جوابه أن الترك قد جاشت ، وإن فرّقت الجنود ذهبت خراسان ، فكتب المنصور إليه بمشورة أبي أيوب : إن خراسان أهم من غيرها ، وإنّي موجّه إليك جيشا مددا من عندي ، يريد المنصور بهذا أن عبد الجبار إن همّ بالخروج وثبوا عليه ، فكان جوابه : إن خراسان مجدبة وأخاف من الغلاء على الجند. فقال أبو أيوب المنصور : هذا رجل قد أبدى صفحته وقد خلع فلا تناظره (٣) ، فوجّه إليه خازم بن خزيمة. قال : فجهّز المهدي من الريّ خازم بن خزيمة لحربه مقدّمة ، ثم سار المهديّ إلى أن قدم
__________________
(١) وفي تاريخ الطبري ٧ / ٥٠٧ : «وخرجت يوم الراونديّة ولو أصابني سهم غرب لذهبت ضياعا».
(٢) أصحاب الملابس السوداء ، أي العبّاسيين.
(٣) أي لا تمهله.