أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصابَها وابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَها ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْها وابِلٌ فَطَلٌّ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (٢٦٥)
____________________________________
التفسير : بعد أن ضرب الله سبحانه وتعالى مثلا للذين ينفقون ولا يتقبل الله ما ينفقون ، لأنهم إما كانوا كافرين بالله ، وإما كانوا مؤمنين ولكن يتبعون ما أنفقوا المنّ والأذى ـ بعد أن ضرب الله مثلا لهؤلاء وأولئك ، ضرب ـ سبحانه ـ مثلا للمؤمنين الذين ينفقون أموالهم فى سبيل الله ، ابتغاء مرضاته.
فمثل ما ينفق هؤلاء المؤمنون كمثل من غرس جنة بربوة عالية ، وهى المكان المرتفع ، تستقبل أشعة الشمس صافية مطلقة ، وتتنفس أرواح النسيم عليلا بليلا ، وتمتص أنداء الليل نقية معطرة ، وترتضع أخلاف السحاب عذبة صافية ، وهذا ما يجعل ثمرها مباركا ، وعطاءها جزلا مضاعفا ، بما اجتمع لها من طيب المكان ، والماء الروىّ ، وسلامة المفترس من الآفات .. وهكذا يربى الله للمؤمنين المتصدقين صدقاتهم ، إذا غرسوها بعيدا عن متناول الآفات التي تأكلها وتأتى عليها ، وهى المنّ والأذى.
وقوله تعالى : (فَإِنْ لَمْ يُصِبْها وابِلٌ فَطَلٌّ) أي أن هذه الجنة التي قامت فوق الربوات العالية ، لا تنقطع عنها أمداد السماء ، فإن لم يسقها المطر الغزير فى بعض الأوقات ، سقتها أنداء الطل التي لا تنقطع أبدا فى تلك المواطن .. وكذلك إحسان المحسن المؤمن ، ينمو ويزدهر مثل تلك الجنّة ، فإن فضل الله دائما متصل بهذا الإحسان ، يغذيه وينميه لصاحبه ، حتى يجده شيئا عظيما يسر العين ، ويشرح الصدر!.
____________________________________
الآية : (٢٦٦)
(أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ تَجْرِي