مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ لَهُ فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ وَأَصابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفاءُ فَأَصابَها إِعْصارٌ فِيهِ نارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ) (٢٦٦)
____________________________________
التفسير : وفى مواجهة هذه الجنة المونقة المعجبة ، على صدر تلك الربوة الشامخة ، جنة من نخيل وأعناب ، ومن كل الثمرات .. قد آتت أكلها ، ونضجت ثمارها .. يملكها رجل أصابه الكبر ، ودنا منه شبح الموت ، وبين يدى الرجل ذرية ضعفاء ، لم يقدروا بعد على العمل والكسب ، فهم فى حاجة إلى من يعولهم ، ويدبر لهم وسائل العيش ، وهو ينظر إليهم فى حالهم تلك ، وقلبه يخفق إشفاقا عليهم ، وخوفا من أن تقسو عليهم الحياة من بعده ، ويمسّهم الضر والأذى بفقده ، ولكنه ينظر من جهة أخرى إلى تلك الجنة التي بين يديه ، وما فيها من خير كثير ، ورزق موفور ، فيطيب خاطره ، ويطمئن قلبه ، أن ترك لصغاره هذه الجنة ، يسرحون فيها ويمرحون ..
وفيما الرجل يردد النظر بين صغاره وبين جنته ، وفيما هو بين نوازع الألم والحزن ، وبارقات الرجاء والرضى ، يطلع عليه من وراء الأفق عاصف مجنون ، يسوق بين يديه شواظا من سموم ، فيرمى به تلك الجنة ، فإذا هى رماد تذروه الرياح!.
إنها القيامة .. ولقد وجد الرجل نفسه عاريا من كل شىء ، لم يترك لصغاره شيئا بعده ، ولم يجد بين يديه شيئا لمصيره! فما أشأم هذا الموقف وما أنكده وأقساه .. وحزن مرير على ما فات ، وخوف شديد مما هو آت!. وإنها لحسرة تأكل الإنسان ظهرا لبطن ..!