وابن حنبل ، وجماعة عظيمة من المسلمين .. وهو قول أكثر المتأخرين من الفقهاء والمحدّثين ، والمتكلمين ، والمفسرين.
٣ ـ وقالت طائفة : كان الإسراء بالجسد يقظة ، إلى بيت المقدس ، وإلى السماء بالروح ، واحتجوا بقوله تعالى : (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى) فجعل المسجد الأقصى غاية الإسراء ، الذي وقع التعجب فيه بعظيم القدرة ، والتمدح بتشريف النبي صلىاللهعليهوسلم به ، وإظهار الكرامة له بالإسراء إليه .. قال هؤلاء : «ولو كان الإسراء بجسده إلى زائد عن المسجد الأقصى ، لذكره ، فيكون أبلغ فى المدح.»
وبعد أن انتهى القاضي عياض من عرض هذه الآراء ، عرض رأيه هو ، فرجح جانب القول بأن الإسراء كان بالروح والجسد معا .. فقال :
«والحق من هذا ، والصحيح إن شاء الله ، أنه إسراء بالروح والجسد فى القصة كلها ـ أي الإسراء والمعراج ـ وعليه تدل الآية وصحيح الأخبار ...
ثم يقول : «وليس فى الإسراء بجسده وحال يقظته استحالة ، إذ لو كان مناما لقال : «بروح عبده» ولم يقل «بعبده» وقوله تعالى : (ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى) .. ولو كان مناما لما كانت فيه آية ولا معجزة ، ولا استبعده الكفار ، ولا كذبوه فيه ، ولا ارتدّ به ضعفاء من أسلم ، وافتتنوا به .. إذ مثل هذه المنامات لا ينكر .. بل لم يكن ذلك الإنكار منهم إلا وقد علموا أن خبره إنما كان عن جسمه ، وحال يقظته.»
* * *
وممن قال بأن الإسراء كان بالجسد والروح معا .. البيضاوي فى تفسيره ، وقد أراد أن يخرج هذا الرأى على أسلوب البحث العلمي ، وأنه من الممكنات التي لا ينكرها العلم .. يقول البيضاوي : «والأكثر ـ أي من آراء العلماء ـ