قالَ ذلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوانَ عَلَيَّ وَاللهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ)(٢٨)
____________________________________
التفسير :
قوله تعالى :
(وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقاءَ مَدْيَنَ قالَ عَسى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَواءَ السَّبِيلِ).
هنا تنتقل الأحداث نقلة بعيدة ، حيث نرى موسى فى «مدين» وهي على أطراف الجزيرة العربية من جهة الشام ، وتقع على خليج العقبة في مقابل تبوك .. ذلك ، بينما كنا معه منذ لحظة في مصر ، وفي أحشاء عاصفة هو جاء ، لم يكن أحد يقدّر له الخلاص منها ..
وتلقاء مدين ، هو اتجاهها ، حيث كان وجهه مقبلا إليها ..
وفي قوله : (قالَ عَسى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَواءَ السَّبِيلِ) .. ما يشير إلى أن هذا القول كان مقيدا بالوقت الذي أخذ فيه وجهته إلى مدين .. وهذا يعنى أن موسى لم يدع ربه بهدايته سواء السبيل إلا في هذه الحالة .. وكيف يكون هذا ، وموسى ـ وإن لم يكن نبيا بعد ، فإنه كان على دين آبائه ، إبراهيم ، وإسحق ، ويعقوب؟
والجواب ، أن موسى كان على ذكر دائم لربه .. وذكر العبد لربه ليس على صورة واحدة .. فتارة يسبح ربه ، وتارة يحمده ، وتارة يستجير به ، أو يستهديه .. أو يستغفره .. إلى غير ذلك من أحوال الإنسان مع خالقه .. فموسى حين قتل المصري : (قالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي) .. وسليمان حين رأى عظمة ملكه ، وعرض له ملك النملة ، قال : (رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي