وقوله تعالى : (لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) ـ الضمير في لعلهم ، يعود إلى الناس في قوله تعالى : (بَصائِرَ لِلنَّاسِ) .. وفي هذا إشارة من بعيد إلى المشركين من قريش ، وأنه كما أرسل الله موسى على فترة من الرسل ، بالكتاب الذي فيه بصائر وهدى ورحمة ، أرسل الله «محمدا» على فترة من الرسل ، بكتاب فيه بصائر للناس وهدى ورحمة ..
قوله تعالى :
(وَما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنا إِلى مُوسَى الْأَمْرَ وَما كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ) ..
الخطاب للنبى ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ وهو أنه لم يكن على علم بهذه الأخبار التي يقصها على قومه فيما أوحى الله إليه به ، مما كان بين موسى وربه إذ ناداه ربه من جانب الطور الأيمن ، وهو الجانب الغربي من سيناء ، وأعلمه بأنه رسول الله ، اختاره لرسالة كريمة إلى الناس ..
قوله تعالى :
(وَلكِنَّا أَنْشَأْنا قُرُوناً فَتَطاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ وَما كُنْتَ ثاوِياً فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِنا وَلكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ).
تكشف هذه الآية عن الحكمة في إرسال محمد صلوات الله وسلامه عليه ، وهو أنه قد سبقته فترة لم يكن فيها رسل ، فشاءت إرادة الله أن يختار رسولا يكشف للناس معالم الطريق إلى الحق ، وقد ضلوا وانحرفوا عن سواء السبيل ..
وفي هذا يقول الله تعالى : (قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ فَقَدْ جاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ) (١٩ : المائدة).