التي كانت متعلقة بهذا الموكب وما يجر وراءه ، وإذا بها شاخصة في ذهول مما حدث؟ أين قارون الذي تعلقت بأذيال موكبه أمانيّ القوم؟ وأين كنوزه وأمواله ، وقصوره؟ لا شىء من هذا .. لقد اختفى كل شىء في لحظة خاطفة ، كما يختفى السابح في الماء وقد احتوته دوامة عاتية ، فغرق ، وهوى إلى القاع!!
أهكذا الدنيا إذن؟ وأ هكذا تصاريف القدر فيها؟ (وَيْكَأَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ)؟ إذن ، فالأمر لله وحده ، يبسط الرزق لمن يشاء ، ويقدره ويقبضه عمن يشاء ، بعلم ، وحكمة وتدبير ..
وإذن ، فقد كان من فضل الله علينا أنه لم يستجب لأمنياتنا ، ولم يؤتنا مثل ما أوتى قارون .. إنه لو فعل لكان مصيرنا كمصيره ، ولخسف بنا وبدورنا الأرض ، كما خسف به وبداره الأرض .. (لَوْ لا أَنْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنا لَخَسَفَ بِنا). إن أشد الناس فقرا فينا ، لهو خير من قارون وكنوزه .. وهل يرضى أحد من هؤلاء الذين شهدوا هذا المشهد اليوم أن يكونوا قارون الذي كان بالأمس؟
(وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ) .. وإذن ، فالحكم القاطع الذي يمليه علينا هذا المشهد ، هو أنه لا فلاح للكافرين أبدا ، وإن كثرت أموالهم ، وملكوا الدنيا في أيديهم .. إنهم هم الخاسرون خسرانا مبينا ، فى الدنيا والآخرة جميعا.
وكلمة «وى» أداة تعجب وانبهار ، يلقى بها المرء مواقف العجب والدهش ..
قوله تعالى :
(تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ).