(قالَ لِمَنْ حَوْلَهُ. أَلا تَسْتَمِعُونَ)؟ .. فما هذا اللغو؟ وما هذا الهذيان؟ أهناك ربّ غيرى؟.
ولا يكاد القوم يتجهون بعقولهم إلى ما يدعوهم إليه فرعون ، حتى يلقاهم موسى بالجواب الذي كان ينبغى أن يلقوا به هذا السؤال الذي ألقاه إليهم فرعون ، فى عجب ودهش :
(قالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ) ..
هذا هو الربّ الذي ينكره فرعون ، ويعجب من أمره .. أفتنكرونه أنتم كذلك؟ فأين عقولكم حتى تنقادوا إلى هذا الضلال؟.
ويأخذ فرعون الطريق على موسى إلى الملأ .. فيقول لهم :
(إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ) .. إنّه رسول إليهم ، لا إلى فرعون .. ثم إنه لمجنون يهذى بهذا القول .. فلا تستمعوا إليه ، ولا تأخذوا كلامه إلّا على أنه كلام مجانين!.
ويردّ موسى على فرعون هذا الاتهام بقوله :
(رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَما بَيْنَهُما إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ) ..
إنه يدعوهم جميعا ، ومعهم فرعون ، إلى أن يستمعوا ويعقلوا ، وإنهم لو كانوا عقلاء حقّا لعرفوا أن لهذا الوجود ربّا ، وأنه ربّ المشرق والمغرب ، وما بين المشرق والمغرب ، من كائنات.
ويقطع فرعون هذا الجدل ، ويجرد سيف بأسه وسلطانه ، ليفحم موسى ، ويسكته .. فيقول :
(لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلهَاً غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ) .. هكذا منطق القوة الغاشمة .. إنها لا تحتكم إلى عقل ، ولا تخضع لمنطق ، إلّا منطق القهر والتسلّط!.