الله أكرم منزل ، هناك .. ثم كانت الهجرة إلى المدينة ، التي أصبحت مهاجر المسلمين من كل مكان ، بعد أن هاجر الرسول الكريم إليها .. وهناك وجد المهاجرون إخوانا ، شاطروهم دورهم وأموالهم ، وآثروهم على أنفسهم بالطيب من كل شىء.
وأكثر من هذا ، فإن مجتمع المهاجرين هؤلاء الذين ضمتهم مدينة الرسول ، كانوا الوجه الذي تجلى فيه دين الله ، وعزت به شريعته .. ومن هؤلاء المهاجرين ، كان صحابة رسول الله ، وخلفاء رسول الله ..
وأكثر من هذا أيضا ، فإن القرآن الكريم ، قد أجرى ذكرا خالدا لهؤلاء المهاجرين ، وأشار إلى منزلتهم العليا عند الله ، وما أعد لهم من أجر عظيم ، وثواب كريم ، لم يشاركهم في هذا أحد من المسلمين ، إلا الأنصار ، الذين نزل المهاجرون ديارهم ، ووجدوا ما وجدوا من برهم وإحسانهم ...
وهكذا ، استظل المهاجرون بظل هذا النداء الكريم ... «يا عبادى» فكانوا منه في نعمة سابغة ، وفضل عظيم ، فى الدنيا والآخرة جميعا.
وفي قوله تعالى : (إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ) .. توجيه لأنظار المسلمين إلى سعة ملك الله سبحانه وتعالى ، وإلى أن يمدوا أبصارهم إلى أبعد من هذا الأفق الضيق المحدود ، الذي يعيشون فيه ، والذي يحسب كثير منهم أن الأرض كلها محصورة في هذه الرقعة التي يتحركون عليها ، ويضطربون فيها .. وكلا فإن أرض الله واسعة ، أكثر مما يتصورون ... فليخرجوا من محبسهم هذا ، ولينطلقوا في فجاج الأرض ، الطويلة العريضة ، وسيجدون في منطلقهم هذا ، سعة من ضيق ، وعافية من بلاء .. والله سبحانه وتعالى يقول : (وَمَنْ يُهاجِرْ فِي سَبِيلِ اللهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُراغَماً كَثِيراً وَسَعَةً) (١٠٠ : النساء).