ولكن شتان بين هذا النظم ، وبين ما جاء عليه النظم القرآنى المعجز ..
ففى النظم القرآنى ، يقوم على الأمر نذير مبين ، وعلى رأس النهى يقوم هذا النذير المبين أيضا .. إن هذه دعوته ، وتلك دعوته وهو بهذا يأمر ، وبذلك ينهى ..
فإذا أخذ المأمور بما أمر به ، وانتهى المنهىّ بما نهى عنه ـ كانت نجاته ، وكانت سلامته ، وكان فوزه .. أما إذا أخذ بواحدة دون الأخرى ، فهيهات أن يسلم ويبلغ مأمنه ..
فقد يفر المرء إلى الله ، ومعه إله أو آلهة أخرى يحملها فى كيانه ، ويحتفظ لها بمكانها من قلبه ..
وقد لا يجعل الإنسان مع الله إلها آخر ، ولكن قد يكون ذلك كمجرد فكرة حبيسة فى عقله ، أو نظرية فلسفية تقيم بناء منطقه الفلسفي .. ثم لا يكون لهذه الفكرة أو تلك النظرية منطلق نزوعىّ أو سلوكى ، يرد به موارد الهدى ، ويسلك به مسالك الخير ..
والفرار إلى الله يجعل من الإيمان به حركة دائبة إلى العمل الطيب القائم فى ظلّ هذا الإيمان ..
واستصحاب الإيمان بالله ، إيمانا خالصا من الشرك فى حال الفرار إليه ، يجعل هذا الفرار محمود العاقبة ، بالغا بصاحبه مأمنه ..
قوله تعالى :
(كَذلِكَ ما أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قالُوا ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ) ..
هو بيان لحال هؤلاء المشركين الذين يجعلون مع الله إلها آخر ، إنهم