بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة الطبعة الثانية
يا من هو اختفى لفرط نوره |
|
الظاهر الباطن في ظهوره |
بنور وجه استتار كل شيء |
|
وعند نور وجه سواء في |
والصلوة والسلام على من انزل عليه الكتاب الذي اوتي الحكمة وفصل الخطاب ، مبين مقامات العبادة موضح طرق السعادة محمد وآله الاطهار الاطاب.
وبعد
فأنّ من اجلّ علوم الدّين بل اشرفها علم تفسير القرآن الكريم الذي يكون اساساً لسائر العلوم الدينية لانّ كلها مقتبسة ومأخوذة من القرآن المجيد والفرقان الحميد وهذا الكتاب العزيز لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، في الحقيقة كالقانون الاساسي للاسلام ، ولا ركب ولايابس من امور الدنيا والآخرة الافيه ، وعلم التّفسيرييّن ما في هذا الكتاب من المجملات ويميزّيين المحكمات والمتشابهات والمطلقات والمقيدات والنّاسخ والمنسوخ ، فعلي هذا ما يكون موضوعه بيان الآيات القرآنية وغايته العلم بالكلام الاله والغاة القصوى له تكميل النفس بالمعرفة وبالعمل بما فيه والتحقق بحقائقه ورك معارفه القرآن كلّ ما كان موضوعه وغايته كذا فلا شكت انه من اشرف العلوم.
ولهذا صار تفسير القرآن من زمن الرّسول صلي الله عليه وآله وسلم معمولاً بين الاصحاب ، ولكن لمأ كان التفّسير في الحقيقة وروداً في بيان احكام الشرع لم يحم حوله الا الخصيّصون الرّاسخون في علوم القرآن المطلعوم على موارد نزوله وحقائق احكامه ، وهذا في الحقيقة منحصر في من نزل القرآن في بيوتهم وهم اهل بيت النّبوة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة ، ولهذا يكون تفسير القرآن عند الشيعة منحصراً في اهل البيت والتّابعين لهم المقتبسين من مشكوة ولايتهم والمترويّن (١) من رشحات بحار معرفتهم ولايجوزون التّفسير بالرأي استناداً الى الاخبار الكثيرة المأثورة من مصادر العصمة ، كالحديث النّبوي (ص) ، من فسّر القرآن برأيه فليتوه مقعده من النار.
واما غير الشيعة فلا يقولون بالانحصار بل يقولون : انّ كلّ عقل سليم يجوز له ان يفكر في حقائق العالم ويستنبط منها بقدر فهمه وكذا القرآن المجيد لأنّه من جملة الكلام وان لم يكن بشريا ، ولذلك كانت الصحابة واستفاضة فهو اولى بفهم مقاصده من الكلام وتبيينها ، ومن اجل هذا كانت الصحابة واهل البيت اولى بتفسير القرآن من غيرهم لا ان يكون منحصراً بهم.
وفيه نطر القرآن لانّ كلام الله تعالى وان كان من جنس الكلام ولكنّه فوق الكلام البشرى لانّه كما روى عن النّبيّ (ص) ذو وجوه وله ظهر وبطن ولكلّ بطن الى سبعة ابطن او سبعين بطناً ، وله محكم ومتشابه ومجمل ومبيّن ومطلق ومقيّد والاطّلاع على جميع موارده لا يمكن الا لمن تعلّم واستفاد ممّن انزل الكتاب عليه ومن مكتب الوحي وذلك لم يكن حاصلاً بالوجه الاكمل الا لعليّ بني ابي طالب عليه السلام وولده وخلفائه وكلّ من استقضاء من ضياء علمه ، ولذا كان عليّ عليه السلام اوّل من فسّر القرآن بعد رسول الله صلى الله عليه وآله باتّفاق الفريقين وهذا لاشكت
__________________
(١) من التروي : الحديث ـ رواه ونقله. تفكر.