فيه بل جميع العلوم المتداولة في الاسلام منتسب اليه ، كما ذكره ابي ابي الحديد مشروحاً في مقدّمة شرحه لنهج البلاغة وكلّ من يحوم هذا لازم عليه اين يستمدّ من اهل البيت عليهم السلام ولا يعتمد على ما يفهمه لانّه لا يمكن ان يكون ما ادركه خلاف المقصود من الكتاب ، ولمّا كان علم التفسير من اشرف معالم الدين ويبتنىي عليه سائر العلوم الدينية كان جمع كثير من الصحابه ايضاً من المفسّرين مثل عبدالله بن مسعود وابي بن كعب وهم الذين استفادوا بحضرة الرّسول والامام علي (ع) ، واول من فسّر القرآن واستفاده من رشحات طفحات المولى على عليه السلام تلميذه عبدالله بن عباس بن عبد المطلب رضي الله عنهم المتوفّي سنة ٦٨ وهو اعظم مفسّري القرآن بعد استاذه علي (ع).
وكان جمع من التابعين ايضاً من المفسّرين مثل سعيد بن جبير تلميذ عبدالله بن عبّاس وقتادة وعكرمه ومجاهد واسماعيل بن عبد الرّ؛من السدّى (١) والحسن البصري ومالك بن انس القرآن وجابر بن يزيد الجعفي وابو حمزة ثابت بن ابي صفّيّه دينار الثّمالي وهما كانا من اصحاب الباقر والصّادق عليهما السّلام واستفاده بحضرتهما.
ثمّ صار علم تفسير القرآن تدريجاً شائعاً بين المسلمين ومدوناً والف في الشيعة واهل السنّة تفاسير كثيرة مختلفة بحسب الموضوع والمطالب المستفادة من القرآن من الادب والحديث وموارى النزول والتاريخ والفقه والفلسفة والعرفان وبسطوا الكلام والمقال فيها ، والتفاسير المؤلفة كثيرة يتعسّر احساؤها والاحاطة بجميعها ولكن التّفاسير الموجودة المشهورة اكثرها من مؤلفات الشيعة وكل هذه مأخوذة من الاحاديث المرويّة من الائمة المعصومين عليهم السلام ، وفي بعضها اقتصروا على شرح الآيات بنقل الحديث وبيان ظاهر وزاد بعضها بان اللّغة والاعراب والتركيب والقواعد الصّرفيّة والنّحويّة والبيان وسائرالنكّأت الادبيّه ، وبعض آخر لم يهتموا بذكر الجهات الادبيّة وكان وجهة همتهم بيان موارى النزول وشرح الاحكام الفقهيّة ، وبعض المفسّرين لم يقتصروا على هذه واضافوا بعض ما يتعلّق بلطائف القرآن وحقائقه المعبّرة عنها باعتبار بالتأويل المستنى الى اخبار اهل البيت عليهم السلام.
للتّأويل
ولا يخفى أنّ بعض اقسام التأويل غير حائز وكلن ّالتأويل المذكور هنا جائز فأنّ التأويل بالمعنى الأوّل هو الرجّوع والمراد هنا ارجاع الظّاهرالى الباطن ؛ فانّ للقرآن ظهراً وبطناً وهذا ان كان مستنداً الى ما ورد من اهل البيت عليهم السلام فهو صحيح ، وبيان بطن من بطون القرآن وان لم کن مستنداً الى المعصوم بل كان ناشئاً من الوهم والفكرالناقص فهم تأويل غير جائز لانّه يمكم ان يكون غير ما قصد من الآية في القرآن وهذا التأويل الممنوع.
ايضاً معنى آخر وهو ارجاع المفاهيم الخارجية للآات الى باطن الانسان وتطبيقها على القوى الباطنيّة مثل تأويل كلمتي قابيل وهابيل المذكورتين في قصّة آدم بالنفّس والعقل حتّى يستنتج منه لزوم تسليط هابيل العقل على قابلي النفّس حتّى يصير العقل خليفة آدم الرّوح في العالم الانساني ، وكذا تطبيق نوج والسفينة على الرّوح والعقل ولزوم متابعته وامثال ذلك لنستنتج منه تطبيق العالم الكبير واجزائه على العالم الصّغير وقواه ، ونستفيد منه في السّلوك الى الله بالتأسى بالانبياء والكمّل وترك الطاّغوت واوليائه ، وهذا التأويل ليس خلاف الشرع ولا يكون تفسيراً بالرأي بل هو التّدبّر والتّفكر المأمور به.
وأمّا التّأويل الممنوع فهو كما ذكرنا ارجاع ظواهرالآيات الى ما اقتضاه الاهوية النّفسانيّة ونطبيقه على المعاني البعيدة عن الفهم والمخالفة لضروريّأت الّشرع المقدّس من دون وجود مستند له من اخبار المعصومين (ع) مثل تأويل آية وهو معكم اينما كنتم بالحلول والاتحاد الباطلين في الّشرع والعقل.
وكما أن امثال هذه التأويلات غيرجائزة فكذا التّفسير الذي يكون على خلاف ظواهر الشرع وضرورياته كالاستدلال بامثال آية وجاء ربّك والملك صفاً صفاً على كون الرّبّ واصناف الملائكة ذوات اجسام واقدام ،
__________________
(١) منسوب الى السدة لأنّه كان بيع العقائق والخمر (حمع الخمار) في سدّة من مسجد الكوفة وهي ما يبقي من الطاق المسدود.