مسيء لائمة ولا لمحسن محمدة ، ولكان المحسن أولى باللائمة من المذنب ، والمذنب أولى بالإحسان من المحسن ، تلك مقالة عبدة الأوثان ، وخصماء الرحمن وقدرية هذه الأمّة ومجوسها ، يا شيخ إنّ الله عزوجل كلّف تخييرا ، ونهى تحذيرا ، وأعطى على القليل كثيرا ، ولم يعص مغلوبا ، ولم يطع مكرها ، ولم يخلق السموات والأرض وما بينهما باطلا (ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ) (١)».
قال : فنهض الشيخ وهو يقول :
أنت الإمام الذي نرجو بطاعته |
|
يوم النجاة من الرحمن غفرانا |
أوضحت من ديننا ما كان ملتبسا |
|
جزاك ربّك عنّا فيه إحسانا (٢) |
وفي كلام آخر له ينهى فيه البسطاء عن الخوض في القدر فقال عليهالسلام : «طريق مظلم فلا تسلكوه ، وبحر عميق فلا تلجوه ، وسرّ الله فلا تتكلّفوه» (٣).
إنّ خطب الإمام أو رسائله وقصار كلمه ، مملوءة من الإلهيّات ، والأجوبة على هذه المسائل وأشباهها ، وقد عرفت كلام الشارح الحديدي أنّ المتكلّمين أخذوا أصولهم عن خطبه.
استشهد الإمام بسيف الجور والظلم ، وجاء دور السبط الأكبر ، فقد قام بنفس الدور ، وكان مرجعا عاليا للمسائل والأحكام ، نذكر نموذجا ممّا أثر منه.
__________________
(١) سورة ص : ٢٧.
(٢) الصدوق : التوحيد : ٣٨٠ ؛ الرضي : نهج البلاغة : قسم الحكم برقم ٧٨ ، وقد حذف الرضي سؤال السائل ولخّص الجواب ، ونقله غيره من المحدّثين على وجه التفصيل ، ونقلناه عن تحف العقول للحرّاني : ١٦٦.
(٣) الرضي : نهج البلاغة : قسم الحكم برقم ٢٨٧.