بسم الله الرحمن الرحيم
يقول أهل الأدب : أعذب الشعر أكذبه ، كقول المتنبي في مدح سيف الدولة (الوافر:
فأن تفق الأنام وأنت منهم |
|
فأن المسك بعض دم الغزال |
فقد رفع سيف الدولة إلى درجة الأنبياء والمرسلين دون سواهم ، وهو كذب طريف مأجور في الدنيا وكقول الآخر (البسط) :
عقود مدح فما أرضى لكم كلمي |
|
فأن المسك بعض دم الغزال |
فقد خرج به شيطان الشعر كما يقولون عن حدود العلم والعقل معا ولا حجر عليه ما دام لشيطان الشعر عنده ميدانه الذي لا يتعداه إلى المساس بأعراض الناس وشرفهم أو الكذب على الله ورسوله أو الفجر في الخضومة بالتفحش والهجاء المسيء كالمنافقين والزنادقة وأهل السوء.
وإن من أفحش الذنوب في الإسلام أن تحدث انسانا بحديث هو لك مصدق وأنت عليه كاذب ولا يعرف الكذب سبيله إلى المؤمنين يقول سبحانه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) وقد تغلبت أبرز المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم على اسمه فعرف في قومه قبل الإسلام بالصادق الأمين.
ولورثه الهدى النبوي الشريف من حملة السنة المطهرة وقمم أهل الفضل والأمانة والدين من أئمة الجرح والتعديل ولا نزكي على الله احدا لهم في هذا المقام مقاييس غاية في الدقة والحساسية يرفضون الكذب ولو على الدابة ولو مزاحاً ، تهتز الثقة في صاحبه وبعد ساقط المروءة ولا يقبل عن مثله حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. ومن سخرية القدر بأعداء النور أن يعمي الله أبصارهم عن شعاعه ، لهم عيون لا يبصرون بها فلا يدرون عن قيم الإسلام الشامخات شيئاً واجترؤوا عليه بكل نقيصه تنضح بها أوعيتهم وأحقادهم القديمة (بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ وَاللَّهُ مِن وَرَائِهِم مُّحِيطٌ).