روى حديثه البلويّ ، عن عمارة بن زيد ، عن عبد الله بن العلاء ، عن عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن ، قال : كان حميد بن عبد الرحمن يقول : سمعت أبي يقول : سافرت إلى اليمن قبل المبعث بسنة ، فنزلت على عسكلان بن عواكن الحميري ، وكان شيخا كبيرا قد أنسئ له في العمر حتى عاد كالفرخ ، وهو يقول :
إذا ما الشّيخ صمّ فلم يكلّم (١) |
|
وأودى سمعه إلّا يدايا |
فذاك الدّاء ليس له دواء |
|
سوى الموت المنطّق بالرّزايا |
شهدت بنا مع الأملاك منّا |
|
وأدركت المواقف في القضايا |
فبادوا أجمعين فصرت جلسا |
|
صريعا لا أبوح إلى الخلايا |
[الوافر]
قال عبد الرّحمن : وكنت إذا قدمت نزلت عليه فلا يزال يسألني عن مكة وأحوالها ، وهل ظهر فيها من خالف دينهم أو لا؟ حتى قدمت القدمة التي بعث النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وأنا غائب فيها ، فنزلت عليه فقعد وقد شد عصابة على عينيه ، فقال لي : انتسب يا أخا قريش ، فقلت : أنا عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد الحارث بن زهرة قال : حسبك. قال : ألا أبشّرك ببشارة ، وهي خير لك من التجارة؟ قلت : بلى قال : أتيتك بالمعجبة وأبشرك بالمرغبة ، إن الله قد بعث في الشهر الأول من قومك نبيا ارتضاه صفيّا ، وأنزل عليه كتابا وفيّا ، ينهى عن الأصنام ، ويدعو إلى الإسلام ، يأمر بالحق ويفعله ، وينهى عن الباطل ويبطله ، وهو من بني هاشم ، وإن قومك لأخواله ، يا عبد الرحمن ، وازره وصدّقه ، واحمل إليه هذه الأبيات :
أشهد بالله ذي المعالي |
|
وفالق اللّيل والصّباح |
إنّك في السّرّ من قريش |
|
وابن المفدّى من الذّباح |
أرسلت تدعو إلى يقين |
|
ترشد للحقّ والفلاح |
هدّ كرور السّنين ركني |
|
عن مكرّ السّير والرّواح |
أشهد بالله ربّ موسى |
|
أنّك أرسلت بالبطاح |
فكن شفيعي إلى مليك |
|
يدعو البرايا إلى الصّلاح |
[مخلع البسيط]
قال عبد الرّحمن : فقدمت فلقيت أبا بكر ، وكان لي خليطا ، فأخبرته الخبر ، فقال : هذا محمد بن عبد الله قد بعثه الله إلى خلقه رسولا ، فأته ، فأتيته وهو في بيت خديجة
__________________
(١) في ه : يتكلم.