قال الفاضل البحراني في شرح قول أمير المؤمنين عليهالسلام (١) : «إنّما هو تعلّم من ذي علم» :
«إنّ ذلك إشارة إلى وساطة تعليم الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم له ، وهو إعداد نفسه على طول الصحبة بتعليمه وإرشاده إلى كيفيّة السلوك وأسباب التطويع والرياضة حتّى استعدّ للانتقاش بالامور الغيبيّة والإخبار عنها.
وليس التعليم هو إيجاد العلم ، وإن كان أمرا قد يلزم إيجاد العلم ؛
فتبيّن إذن أنّ تعليم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم له لم يكن مجرّد توقيفه على الصور الجزئيّة ، بل إعداد نفسه بالقوانين الكليّة ، ولو كانت الامور التي تلقّتها عن رسول الله صورا جزئيّة لم يحتج إلى مثل دعائه في فهمه لها ، فإنّ فهم الصور الجزئيّة أمر ممكن سهل في حقّ من له أدنى فهم ، وإنّ ما يحتاج إلى الدعاء وإعداد الأذهان له بأنواع الإعدادات ، هو الامور الكلّيّة العامّة للجزئيّات وكيفيّة انشعابها عنها وتفريعها وتفصيلها ، وأسباب تلك الامور المعدّة لإدراكها.
وممّا يؤيّد ذلك قوله عليهالسلام (٢) : «علّمني رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ألف باب من العلم ، فانفتح لي من كل باب ألف باب». وقول
__________________
(١) ـ نهج البلاغة : الخطبة ١٢٨.
والنص المنقول عن البحراني من مقدمة شرح نهج البلاغة له : ١ / ٨٤.
(٢) ـ راجع الخصال : ابواب ما بعد الألف ، ٢ / ٦٤٣ ـ ٦٥٢.