فصل [٧]
[اصول مباحث القرآن الكريم]
قد دريت في مباحث المعجزات أنّ أعلى وجوه إعجاز القرآن عند اولي البصائر إنّما هو اشتماله على المعارف والحكم ، وانطواؤه على جوامع الكلم ؛ فاعلم أنّ الغرض الأصلي من إنزاله إنّما هو دعوة العباد إلى الله ـ سبحانه ـ كما اشير إليه في غير آية منه.
فلذلك انحصرت سوره وآياته في ستّة أنواع ـ كما ذكره بعض العلماء (١) ـ :
ثلاثة منها هي الاصول والمهمّات :
أحدها : تعريف المدعوّ إليه ؛ وهو يشتمل على معرفة ذات الحقّ ومعرفة صفاته ومعرفة أفعاله.
ولمّا كان معرفة الذات أضيقها مجالا وأعسرها مقالا وأعصاها على الفكر وأبعدها عن قبول الذكر : لم يرد فيه منها إلّا تلويحات وإشارات يرجع أكثرها إلى ذكر التقديس المطلق ، كقوله ـ تعالى ـ : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) [٤٢ / ١١] ، وكسورة الإخلاص ؛
وإلى التعظيم المطلق ، كقوله سبحانه : (تَعالى عَمَّا يَصِفُونَ) [٦ / ١٠٠]. (بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) [٢ / ١١٧].
وأمّا الصفات : فالمجال فيها أفسح ونطاق النطق فيها
__________________
(١) ـ الغزالي في جواهر القرآن : الفصل الأول : ٦ ـ ١٣.