وأخذ من المدينة تحفا وأموالا ، بحيث استغنى عسكره ، وأقام بها الموفّق أيّاما ثمّ هدمها (١).
[مسير الموفّق إلى الأهواز]
وكان المهلّبيّ مقيما بالأهواز في ثلاثين ألف من الزّنج ، فسار إليها الموفّق ، فانهزم المهلّبيّ وتفرّق جمعه ، وانهزم بهبوذ (٢) الزّنجيّ ، وبعثوا يطلبون الأمان ، لأنه كان قد ظفر بطائفة كبيرة من أصحاب الخبيث وهو بنهر أبي الخصيب (٣).
[تمهيد الموفّق للبلاد]
ثمّ سار الموفّق إلى جنديسابور ثمّ إلى تستر فنزلها ، وأنفق في الجند والموالي ، ثمّ رحل إلى عسكر مكرم ومهّد البلاد ، ثمّ رجع وبعث ابنه أبا العبّاس إلى نهر أبي الخصيب لقتال الخبيث. فبعث إليه الخبيث سفنا ، فاقتتلوا ، فهزمهم أبو العبّاس ، واستأمن إليه القائد منتاب الزّنجيّ ، فأحسن إليه (٤).
[موقعة المختارة]
وكتب الموفّق كتابا إلى الخبيث يدعوه إلى التّوبة إلى الله والإنابة إليه ممّا فعل من سفك الدّماء وسبي الحريم وانتحال النّبوة والوحي ، فما زاده الكتاب إلّا تجبّرا وعتوّا.
وقيل : إنه قتل الرسول ، فسار الموفّق في جيوشه إلى مدينة الخبيث بنهر أبي الخصيب ، فأشرف عليها ، وكان قد سمّاها «المختارة» ، فتأمّلها الموفّق ورأى حصانتها وأسوارها وخنادقها ، فرأى شيئا لم ير مثله ، ورأى من كثرة المقاتلة ما استعظمه ، ورفعوا أصواتهم ، فارتجّت الأرض ، فرشقهم ابنه أبو العبّاس بالنّشّاب ، فرموه رمية واحدة بالمجانيق والمقاليع والنّشّاب ، فأذهلوا الموفّق ،
__________________
(١) الكامل ٧ / ٣٤٧ ، نهاية الأرب ٢٥ / ١٤٠ ـ ١٤٩ ، البداية والنهاية ١١ / ٤٠ ، ٤١.
(٢) في الكامل : «بهبود» ، وهو «بهبود بن عبد الوهاب» ، كما في الكامل ٧ / ٣٦٧.
(٣) الخبر مطوّلا في : تاريخ الطبري ٩ / ٥٥٧ ـ ٥٧٤ ، والعيون والحدائق ج ٤ ق ١ / ٦٤ و ٩٥ ، ٩٦ ، والكامل في التاريخ ٧ / ٣٣٨ ـ ٣٤٨ ، وانظر : المختصر في أخبار البشر ٢ / ٥٢ ، ونهاية الأرب ٢٥ / ١٣٨ و ١٥٠ ، والعبر ٢ / ٣٤ ، ٣٥.
(٤) تاريخ الطبري ٩ / ٥٦٢ ـ ٥٦٤ ، الكامل في التاريخ ٧ / ٣٤٩.