فرجع عنهم ، وثبت أبو العبّاس.
واستأمن جماعة من أصحاب الخبيث إلى أبي العبّاس فأحسن إليهم ، ثمّ استأمن منهم بشر كثير ، فخلع على مقدّمهم (١).
فلمّا كان في اليوم الثّاني جهّز الخبيث بهبوذ في السماريّات ، فالتقاه أبو العباس ، فاقتتلوا ، فأصاب بهبوذ طعنتان ونشّاب ، فهرب إلى الخبيث ، ورجع أبو أحمد إلى معسكره بنهر المبارك ومعه خلق قد استأمنوا (٢).
فلمّا كان في شعبان برز الخبيث في ثلاثمائة ألف فارس وراجل ، فركب الموفّق في خمسين ألفا ، وكان بينهم النّهر ، فنادى الموفّق بالأمان لأصحاب الخبيث ، فاستأمن إليه خلق كثير ، ثمّ انفصل الجمعان عن غير قتال (٣).
[بناء الموفقيّة]
ثمّ بنى الموفّق مدينة بإزاء مدينة الخبيث على دجلة وسمّاها الموفّقيّة ، وجمع عليها خلائق من الصّنّاع ، وبنى بها الجامع والأسواق والدّور ، واستوطنها النّاس للمعاش (٤).
وكان عدد من استأمن في شهرين خمسين ألفا من جيش الخبيث ، ما بين أبيض وأسود (٥).
[الوقعة بين أبي العباس والخبيث]
وفي شوّال كانت الوقعة بين أبي العبّاس والخبيث ، قتل منهم خلق كثير. وذلك لأنّ الخبيث انتخب من قوّاده خمسة آلاف ، وأمرهم أن يعدّوا فيتبيّنوا عسكر الموفّق ، فلمّا عبروا بلغ الموفّق الخبر من ملّاح ، فأمر ابنه بالنّهوض إليهم ، فنصر عليهم وصلبهم على السّفن ، ورمى برءوس القتلى في المناجيق
__________________
(١) تاريخ الطبري ٩ / ٥٨١ ـ ٥٨٣ ، العيون والحدائق ج ٤ ق ١ / ٩٧ ، الكامل في التاريخ ٧ / ٣٥٠ ، ٣٥١ ، نهاية الأرب ٢٥ / ١٥٢.
(٢) تاريخ الطبري ٩ / ٥٨٣ ، الكامل في التاريخ ٧ / ٣٥١ ، نهاية الأرب ٢٥ / ١٥٣.
(٣) تاريخ الطبري ٩ / ٥٨٤ ، العيون والحدائق ج ٤ ق ١ / ٩٨ ، الكامل في التاريخ ٧ / ٣٥٢ ، نهاية الأرب ٢٥ / ١٥٣ ، دول الإسلام ١ / ١٦١ ، البداية والنهاية ١١ / ٤١.
(٤) تاريخ الطبري ٩ / ٥٨٥ ، ٥٨٦ ، العيون والحدائق ج ٤ ق ١ / ٩٨ ، الكامل في التاريخ ٧ / ٣٥٢ ، ٣٥٣ ، نهاية الأرب ٢٥ / ١٤٥ ، البداية والنهاية ١١ / ٤١ ، النجوم الزاهرة ٣ / ٤٣.
(٥) تاريخ الطبري ٩ / ٥٨٨ ، وانظر : العيون والحدائق ج ٤ ق ١ / ٩٩ ، الكامل في التاريخ ٧ / ٣٥٣ ، ٣٥٤.