(مُصَلًّى) : مكان يصلى فيه أو عنده أو إليه.
(عَهِدْنا) : وصينا وأمرنا.
تطهير البيت : تنزيهه عن الأقذار الحسية كالدماء والأبوال ومعنوية كالشرك والبدع والمفاسد.
(أَضْطَرُّهُ) : ألجئه مكرها إلى العذاب.
معنى الآيتين :
ما زال السياق في تذكير المشركين وأهل الكتاب معا بأبي الأنبياء وإمام الموحدين إبراهيم عليهالسلام ، ومآثره الطيبة الحميدة ، ومواقفه الإيمانية العظيمة ليتجلى بذلك بطلان دعوى كل من أهل الكتاب والمشركين في انتسابهم إلى إبراهيم كذبا وزورا إذ هو موحد وهم مشركون وهو مؤمن وهم كافرون فقال تعالى لنبيه صلىاللهعليهوسلم : اذكر لهم كيف جعلنا البيت مثابة للناس (١) يثوبون إليه في كل زمان حجاجا وعمارا ، وأمنا دائما من دخله أمن على نفسه وماله وعرضه. وقلنا لمن حجوا البيت أو اعتمروا اتخذوا من مقام إبراهيم مصلى فكان من سنة من طاف بالبيت أن يصلى خلف المقام ركعتين ، كما أوصينا (٢) من قبل إبراهيم وولده إسماعيل بتطهير البيت من كل رجس معنويا كالأصنام وعبادة غير الله تعالى أو حسيا كالأقذار والأوساخ من دم أو بول حتى يتمكن الطائفون والعاكفون (٣) والمصلون من أداء هذه العبادات بلا أي أذى يلحقهم أو يضايقهم.
هذا ما تضمنته الآية الأولى (١٢٥) أما الآية الثانية (١٢٦) فقد تضمنت أمر الله تعالى لرسوله أن يذكر دعوة إبراهيم ربّه بأن يجعل مكة بلدا آمنا من (٤) دخله يأمن فيه (٥) على نفسه وماله وعرضه ، وأن يرزق أهله وسكانه المؤمنين من الثمرات وأن الله قد استجاب لإبراهيم دعوته إلا أن الكافرين لا يحرمون الرزق في الدنيا ولكن يحرمون الجنة في الدار الآخرة حيث
__________________
(١) فقد أخبر النبي صلىاللهعليهوسلم أن موسى عليهالسلام حج البيت وأن هودا حجه من قبل وكذا سائر الأنبياء والمرسلين.
(٢) الآية وعهدنا : إلّا أن الوعد المؤكد وقوعه يصير عهدا ، فإن عدي بإلى صار وصية ، فلذا فسّرنا العهد هنا بالوصية.
(٣) العكوف : ملازمة المسجد للصلاة والعبادة ، والعاكفون الملازمون للمسجد الحرام من ساكن مكة وغريب.
(٤) الجمهور على أن الحدود تقام على أصحابها في الحرم ، وخالف أبو حنيفة في هذا ، وقول الجمهور أصح وعليه العمل فقد روى البخاري أن عمرو بن سعيد قال : إن الحرم لا يعيذ عاصيا ، ولا فارا بدم ولا فارا بخربة
(٥) هل كانت مكة حراما قبل دعوة ابراهيم أو بعد دعوته خلاف ويشهد لكونها ما كانت حراما قول النبي صلىاللهعليهوسلم إن ابراهيم حرّم مكة ودعا لأهلها .. الحديث في مسلم.