(فِي الْكِتابِ) : التوراة والانجيل.
اللعنة : الطرد والبعد من كل خير ورحمة.
(اللَّاعِنُونَ) : من يصدر عنهم اللعن كالملائكة والمؤمنين.
(أَصْلَحُوا) : ما أفسدوه من عقائد الناس وأمور دينهم بإظهار ما كتموه والايمان بما كذبوا به وأنكروه.
(وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ) : أي بأن يمهلوا ليعتذروا ، كقوله تعالى : ولا يؤذن لهم فيعتذرون
معنى الآيات :
عاد السياق بعد الاجابة عن تحرج بعض المسلمين من السعي بين الصفا والمروة عاد إلى التنديد بجرائم علماء أهل الكتاب ، ودعوتهم إلى التوبة بإظهار الحق والايمان به فأخبر تعالى أن الذين يكتمون ما أنزله (١) من البينات والهدى في التوراة والانجيل من صفات الرسول محمد صلىاللهعليهوسلم والأمر بالايمان به وبما جاء به من الدين ، هؤلاء البعداء يلعنهم الله تعالى وتلعنهم الملائكة والمؤمنون. (٢) هذا ما تضمنته الآية الأولى (١٥٩) وفي الآية التي بعدها (١٦٠) استثنى تعالى من المبعدين من رحمته من تاب من أولئك الكاتمين للحق بعدما عرفوه فبينوا وأصلحوا فهؤلاء يتوب عليهم ويرحمهم وهو التواب الرحيم.
وفي الآية الثالثة (١٦١) والرابعة (١٦٢) أخبر تعالى أن الذين كفروا من أهل الكتاب وغيرهم بنبيه ودينه ولم يتوبوا فماتوا على كفرهم أن عليهم (٣) لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ولذا فهم مطرودون مبعدون من الرحمة الإلهية وهي الجنة خالدون في جهنم لا يخفف عنهم عذابها ، ولا يمهلون فيعتذرون.
__________________
(١) الآية عامة في كل من كتم علما واجب البيان ويعم العلم المنصوص والمستنبط وما لم يكن واجب البيان فلا يدخل صاحبه في هذا الوعيد ، إذ من العلم ما لا يجوز بيانه لحديث : «حدّث الناس بما يفهمون ، أتحبّون أن يكذّب الله ورسوله» ، وحديث الصحيح : «أفلا أخبر الناس؟ قال : لا إذا فيتكلوا».
(٢) أخرج ابن ماجه بسند حسن أنّ النبي صلىاللهعليهوسلم قال في اللاعنون : «دواب الأرض ، ولذا فاللفظ عام يشمل كل من يتأتى منه اللّعن ، ويدخل الملائكة والمؤمنون دخولا أوليا.
(٣) هل يجوز لعن المؤمن العاصي المعين؟ لا يجوز لعن المؤمن العاصي المعين وذلك لحديث الصحيح «لا تكونوا عون الشيطان على أخيكم» ، إذ لعنوا مؤمنا حال إقامة الحد عليه حدّ شرب الخمر.